الأرشيفوقفة عز

دار حميد الإخوة أبو لطفي وأبو راشد وأبو غسان – نضال حمد

ولدوا في بلدة عين الزيتون جارة الصفصاف عند جبل الجرمق في قضاء صفد بالجليل الفلسطيني الأعلى… ثم اضطروا كما كل لاجئي شعبنا لمغادرة بلدتهم سنة النكبة 1948 حيث وصلوا الى مخيم عين الحلوة وأقاموا فيه حتى نهاية المشوار.

 سكن آل حميد ولازال البعض منهم يسكنون في مكان قريب من حارتنا وغير بعيد عنها، لكنهم أقرب الى حارة المنشية والوادي، وكذلك الى بيوت بعض عائلات من بلدة الرأس الأحمر، حيث دار الشايب وصالح العوض وغيرهم… أما الوادي فقد كان يفصل بين حارة المنشية  ودار حميد وجيرانهم من الرأس الأحمر ودير الأسد والخ…

على ما أذكر بالقرب من بيت دار أبو لطفي كانت توجد “عين مياه” أو “حنفية” كما كنا نقول ونحن صغار في المخيم، فتلك الكلمات هي التي كانت دارجة في ذلك الوقت وكانت تستخدم مخيمياً ..أما العين فقد وضعتها “الانروا” وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. هذا وجرت العادة في تلك الحقبة الزمنية من الحياة المخيمية أن توزعت عيون الماء والحنفيات والحمامات على الأحياء وفي الحارات.

بدأت معرفتي بآل حميد في بداية سنوات السبعينيات من القرن الفائت وذلك عن طريق ابنهم خليل حيث كنا معاً في ذات الصفوف بالمدرستين الابتدائية والتكميلية. كنا أنا وخليل حميد وهو أصغر أبناء دار أبو لطفي في صف واحد بمدرستي قبية وحطين. خليل من عشرات السنين يعيش ويعمل في الولايات المتحدة الأمريكية ومتزوج من إبنة خالي. يعني منذ زمن طويل أصبحنا أنسباء ولم نعد مجرد أصدقاء وزملاء.

فيما بعد  وتحديداً نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات ربطتني علاقات وطيدة مع كل العائلة من خلال العمل الوطني معاً في المخيم وغير المخيم… ومن خلال صداقات لازالت قائمة وترسخت مع مرور الزمن بالرغم من سنوات الشتات واللجوء في أوروبا. كنت اعتبر الراحلة أم لطفي واحدة من أمهاتي الكثيرات وهن كن ولازلن أمهات لرفاقي ورفيقاتي، منهن من توفين ومنهن من لازلن على قيد الحياة.

يوم نشرت مقالتي عن أم لطفي حميد (زيتونة الجليل) التي عبرت من خلالها عن مشاعري اتجاهها بعد وفاتها، قرأت تعليقاً جميلاً للأخ ملحم حليحل جاء فيه: “الإخوة الثلاثة احترفوا صنعة تصليح وتصنيع الأحذية، أبو راشد في المخيم وأبو لطفي في برج حمود وأبو غسان في صيدا”. (طبعاً الأخ ملحم يتحدث عن ما قبل الحرب الأهلية سنة 1975)..

أحببت أن أكتب ولو بشكل مختصر عن دار حميد وعلاقتي بهم وأكاد أجزم بأن كل مخيمنا كن لهم مشاعر الحب والاحترام والتقدير منذ ما قبل استشهاد إبنهم “ع …” ثم بعد استشهاده زادت مكانتهم تقديراً لدى الجميع.

رحم الله الذين مضوا وأمد بعمر الأحياء منهم.

نضال حمد

8-12-2022