الأرشيفوقفة عز

عن الدبكة الشعبية وعوض وشحادة الذيب – نضال حمد

“الراحل شحادة الذيب كان كما وصفه المرحوم نصري وأما شقيقه المرحوم عوض الذيب فقد كان طويلاً ورشيقاً وأسمرانياً جميلاً، إمتاز بشبابته التي كانت مثله شاهدة على أعراس وأفراح مخيم عين الحلوة…”

لا يوجد انسان عاش في مخيم عين الحلوة وبالذات في حاراته الشرقية الشمالية أي من مستشفى الحكومي حتى الكفاح المسلح ومفرق سوق الخضار، مروراً بشارع الصفصاف ومفرق سيروب القديم، وصعوداً الى حارات الصفصاف وطيطبة وعرب زبيد ووصولاً الى منطقة النبعة، لا يوجد انسان عاش هناك إلا وكان أو لازال يعرف عوض الذيب، ملك الشبابة في مخيمنا، وشقيقه المرحوم شحادة الذيب أحد ملوك الدبكة الشمالية والجليلية في مخيم عين الحلوة.

المرحومان الأخوان شحادة وعوض الذيب من قرية العلمانية قضاء صفد في الجليل الفلسطيني الأعلى المحتل. تهجرت وتشردت عائلتهما الى مخيم عين الحلوة سنة النكبة 1948. واستقرت في الحارة الفوقى، القريبة من بيوت ومساكن أهالي طيطبة والصفصاف وعرب زبيد بشكل خاص.

مثلهما مثل كل شباب ورجال النكبة في المخيمات الفلسطينية في لبنان عملا في الأشغال الشاقة. شحادة عمل في ورش البناء والإعمار أما عوض فكان راعياً أجيراً وبحسب المخرج الراحل، إبن مخيمنا عين الحلوة، نصري حجاج وهو كان جارهما في المخيم، فقد كان عوض “راعياً أجيراً محترفاً”. أما شحادة فقد توفي عن عمرٍ ناهز الثمانين في سنة 2015.

 في مقالة كان نشرها المرحوم نصري حجاج في جريدة الغد العربي قال:

“كان جارنا شحادة نجماً من نجوم الأعراس في حارتنا البائسة، فهو أحد “روّيسة” الدبكات الأشهر، يساهم في أعراس أهل الحارة، ولا يترك عرساً من غير أن يكون له فيه حضورٌ ساطع، بشعره الأجعد الأسود المصفف بعناية فائقة، ملمّعاً بـ”البريلكريم” الشائع في سنوات اللجوء الأولى. وبملابسه الأنيقة، وإن كانت فقيرة، وابتسامته التي كانت تضيف إلى سحر أدائه في الدبكة سحراً وجاذبية، بوجهه الداكن السمرة. وكانت سيجارته المشتعلة أبداً علامة مميزة لهذا الرّويس البارع”.

كانت الحارة الفوقا تعج بالرجال والشباب المميزين بإتقان فن الدبكة الشعبية بالإضافة لشحادة وعوض كان هناك العم المرحوم أبو مروان حمد، الذي بالرغم من إصابته بساقه في فلسطين قبل النكبة، إلا أنه كان يجيد الدبكة بشكل جيد. كما كان في بعض الأحيان يأتي من مخيم شاتيلا لزيارته وزيارة أقاربه من عائلتنا “حمد” في عين الحلوة، العم الراحل “جميل الزين” – أبو اسماعيل حمد، وهو أيضاً من ملوك الدبكة في مخيمات لبنان، فينزلا معاً الى ساحة الدبكة ومعهما شحادة الذيب جار أبو مروان وآخرين، وكما يقولون في المخيم “وعينك ما تشوف إلا النور”..

كان من شباب الصفصاف في تلك الفترة مجموعة لا بأس بها وتجيد الدبكة بشكل جيد ومنها جمال شريدي أبو نسيم واعتقد معه أبو مصطفى شريدي وأبو سامر حليحل وآخرين لم أعد أذكر اسماءهم الآن… هؤلاء كانوا يشاركون في معظم أفراح المخيم. لاولت احتفظ بصورة تجمعني بالأخ جمال شريدي – أبو نسيم – ونحن نرقص في عرس صفصافي ربما سنة 1979 أو 1980. وفي هذا الصدد أفادنا الأخ أحمد يونس بالتالي: ” نشأ جيل جديد ومميز من المبدعين في الدبكة وهم شباب من طيطبا وحارة آل السعدي وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: محمد خالد وعامر السعدي والمرحوم احمد قاسم (الخوجا) وعدنان قاسم وأبو أنور. وكانت الدبكة تقام في الحارة لمدة أسبوع كامل…”.

المرحوم عوض الذيب “ملك” الشبابة في تلك الأيام كان صديقاً وجاراً للعم الراحل عبدالله حمد (الكزكيز) الذن كان بدروه لاعب كرة قدم جيد مع المرحوم أبو لؤي -علي صبحة- وذلك في الزمن الذي شهد في مخيمنا بروز رموز كرة القدم آنذاك أبو عماد العجينة وأبو لؤي صبحة وآخرين. تجدر الإشارة إلى أن هناك صور لعوض الذيب وهو يعزف ومعه رفاقه يدبكون ومنهم العم عبدالله حمد وآخرين. لم تقتصر الدبكة في ذلك الزمان على المخيم فقد كانوا يقيمونها في الرحلات التجممية في جبل الباروك ومناطق أخرى.

يقول المرحوم نصري حجاج:

 “حارتنا في المخيم محظوظة بعدد الرجال الذين يجيدون الدبكة، روّيسةً أم مغنين أم عازفي المجوز والشُبيبة، لكن شحادة الذيب كان مميزاً، فقد كانت الدبكة من تفاصيل شخصيته، جسداً وروحاً. كان حين يمشي في حارتنا، يخبُّ خبباً، كحصان جامح، واثقاً بنفسه. يعتمد في مشيه على قدميه دفعة واحدة”.

الراحل شحادة الذيب كان كما وصفه المرحوم نصري وأما شقيقه المرحوم عوض الذيب فقد كان طويلاً ورشيقاً وأسمرانياً جميلاً، إمتاز بشبابته التي كانت مثله شاهدة على أعراس وأفراح مخيم عين الحلوة وبالذات حاراته التي سبق وذكرناها هنا.

قال الأخ الصفصافي أحمد يونس:”الله يرحمه اتذكره عندما كانت الاعراس تقام في حواكير وحارات المخيم وكان عوض البدوي يعزف على الشبابة وسط حلقات الدبكة التي يقيمها الشباب وكان الشباب الدبيكه يغنون الاغاني الشعبية الفلسطينية وفي بعض الاحيان كان يستعرض مهاراتهه في الرقص وعلى كتفيه او على رأسه ابريق الفخار مملوءا بالماء دون ان يقع الابريق عن رأسه.رحم الله تلك الايام الحلوه البسيطه”…

رحمهم الله ورحم تلك الأيام التي ذهبت ولن تعد.

نضال حمد – موقع الصفصاف – وقفة عز

1-11-2022

عرس صفصافي في الحارة الفوقة
العم ابو مروان حمد – احمد العبد حمد وزوجته المرحومة فوزية علي خليل