الأرشيفوقفة عز

عيادة الوكالة وأبو حسني وصبحي – نضال حمد

لازلت أتذكر الطريق من بيتنا في حارة الصفصاف تحت الشارع الفوقاني الى عيادة الوكالة أو عيادة الأنروا أو كما كانت تسميها ستي الله يرحمها ” الحكمة”. يعني دار الطبابة أو العيادة. وكلمة “الحكمة” كان الاكثر إستخداماً من قبل ختايرة وعجائز المخيم في ذلك الزمان، يوم كنت لازلت طفلاً، يعني في ستينيات وسبعينيات القرن الفائت. عيادة الوكالة (الانروا) تلك كانت تقع بالقرب من محل والدي (أبو جمال حمد) رحمه الله على الشارع الفوقاني المؤدي الى مدخل المخيم من جهة مستشفى الحكومي.

في ذلك الزمان من بداية ومنتصف سنوات السبعينيات كات العيادة تعتبر آخر مبنى على الشارع الفوقاني، من بعده يأتي موقع “الصاعقة” القديم، المعروف، وهو من أوائل المواقع الفدائية في مخيم عين الحلوة. ثم خلفه وبعده “السور” و”البركسات”، ومقابله بستان اليهودي وعلى بعد مسافة قريبة مدرستي قبية والفالوجة. فمكتب الجبهة الشعبية، فمركز الهلال الأحمر الفلسطيني على أول مفرق كم العتيق أو مخيم الطوارئ. بعد ذلك نصل الى مفرق البركسات والمستشفى الحكومي حيث هناك تنتهي حدود المخيم الجغرافية من تلك الجهة وذلك المدخل. الآن لم يعد هناك لا السور ولا بستان اليهودي فقد أصبحا حيين سكنيين عامرين بعد غزو لبنان سنة 1982 وتدمير وجرف واحتلال أجزاء كبيرة من المخيم من قبل قوات العدوان الصهيونية.

عيادة الانروا أو الوكالة التي كانت تعمل في ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الفائت لازالت مكانها حتى يومنا هذا. لكن كما علمت هناك عيادة أخرى في المخيم لا أعرف بالضبط أين موقعها، ربما تكون خلف مدرسة حطين ومقابل تلة الحليب، فهناك منذ بداية أعمال وأشغال وكالة الانروا في سنوات الخمسينيات وفيما بعد، كان هناك مشغل وكانتينا أو مطعم تابع للانروا وكذلك مركز لتوزيع الحليب وزيت السمك، أذكر أن المرحوم والدي عمل فيه. ولازلت أملك صورة لوالدي وهو بلباس الشغل في المركز المذكور، والصورة بالأسود والأبيض.

في العيادة القديمة والتي كانت مطلية باللونين الأبيض والأزرق كما كل مراكز الانروا، مع لوحة معلقة على جدارها تحمل شعار الأمم المتحدة ومكتوب عليها باللغتين الانجليزية والعربية، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – الانروا-.

الى تلك العيادة كنا نذهب حين نصاب بحروق او جروح أو عوارض صحية.. كنا نذهب الى الممرضين أبي حسني خليل وصبحي وغيرهما لتلقي العلاج من الحروق والجروح واللسعات والاصابات البسيطة والنزلات الصدرية وآلام الأذن والأنف والنزلات الصدرية والخ. كانت الوصفة أو كان العلاج معروفاً للجميع دواء أحمر وشاش أبيض أو لصقة صغيرة على الجرح. أما في حال كانت هناك حرارة والتهابات إبرة بنسالين أو حبوب بنسالين وتتراساكرين، أسبرين أو ساليفات. فيما بعد تطورت وتغيرت وصارت بنادول وحبوب مسكنة أخرى مثل باراسيت أمول وغيرها.

كان لكل شخص في المخيم بطاقة في العيادة مكتوب عليها إسمه وكنيته وتاريخ ميلاده ومكان اقامته في المخيم. وربما كذلك مواعيد زيارة الطبيب أو العيادة. لقد كان لونها أبيضاً وربما أزرقاً، لم أعد أذكر بالضبط، لكنها تمنح للاجئ الذي يريد العلاج في العيادة التابعة للانروا بعد ابراز بطاقة أو كرت الإعاشة.

كما كان بالامكان تنظيف الإذن في العيادة وهذا من الأمراض الشائعة بين اللاجئين. أتذكر مشهد أو منظر ما بعد التنظيف كان بشعاً. خاصة بعد خروج الأوساخ من الأذن لترسو في إناء طبي خاص. وكان كل من أبي حسني وصبحي يقومان بذلك وفي بعض الأحيان كان يفعل ذلك الطبيب بنفسه.

كل ما أعرفه عن أبي حسني أن إسمه أبو حسني خليل وعن صبحي أذكر أن إسمه صبحي. ربما كان من مخيم المية ومية لكنني لست متأكداً من ذلك. أذكرهما جيداً بالروب الأبيض وبالبسمة وأيضاً بالصرامة في أوقات أخرى. لقد كانا معيلاً لنا نحن أطفال ذلك الزمن على التغلب على العوارض الصحية والجروح واللسعات والحروق والخ.

  • أتمنى عليكم-ن تزويدي بأية معلومات عن أبي حسني وصبحي وصور لهما إن توفرت.

 

نضال حمد – 12 آب – أغسطس 2021