الأرشيفوقفة عز

في الذكرى ال 39 لمجزرة صبرا وشاتيلا – نضال حمد

منذ ٣٩ سنة أحيي ذكرى مذبحة العصر الأكثر بشاعة وارهاباً ووحشية. ففي كل مرة كنت أتحدث عن الشهداء والضحايا والجريمة والمسؤولين عنها، من المقبورين شارون وبيغن وشامير وبشير وبيير الجميل وايلي حبيقة وسعد حداد الى آخرين. وصولاً الى المجرمين الأحياء أمثال أمين الجميل وقادة الكتائب اللبنانية الانعزالية، فسمير جعجع وانطوان زهرا وغيرهم من أرهابيي الجبهة الانعزالية اللبنانية المتصهينة، الذين اتخذوا القرار وارسلوا القتلة الى المخيمين بناء على تعليمات شارون لارتكاب المذبحة في أعقاب اغتيال الفاشي المتصيهن بشير الجميل. تلك العصابات كانت ولازالت تحلم بوطن قومي مسيحي ماروني في لبنان، يكون تابعاً للغرب الاستعماري وللعدو الصهيوني وخارجاً عن عروبة لبنان، الذي في نهاية المطاف هو جزء من بلاد الشام والهلال الخصيب وسوريا الكبرى شاؤوا أم أبوا.

يوم أمس وخلال استضافتي في حلقة خاصة بفضائية الميادين عن المجزرة شارك فيها كثيرون وكثيرات من كل العالم. تحدثت عما رأيت فقصتي تختلف عن قصص الآخرين من ضحايا المجرزة، لأنني أصبت وأنا أقاوم الدبابات الصهيونية على مدخل المخيمين في صبرا وشاتيلا. يعني لم أشاهد لا عمليات الذبح ولا السحل ولا الاغتصاب ولا دفن الأحياء، لكنني كنت اسمع اصوات الجرافات والرصاص وارى قنابل الاضاءة فوق المنطقة كلها. ومحاصرة جيش الاحتلال الصهيوني للمخيمن ومحاولة اطباق الحصار واغلاق اي منفذ للخروج من المخيمين. هنا كانت مهمتي المقدسة أنا ورفاقي وأصدقائي حيث كانت تجمعنا في تلك الأيام جبهة التحرير الفلسطينية وأمينها العام الشهيد طلعت يعقوب. كنا مجموعة من الشباب من مخيم عين الحلوة وبعض الاصدقاء من مخيمات برج البراجنة وشاتيلا وصبرا وبعض الأخوة والأخوات الفلسطينيين واللبنانيين والعرب (لبنان، سوريا، الأردن، مصر وتونس) من سكان بيروت الغربية. قررنا مواجهة الصهاينة وصمدنا ليومين حيث استطعنا إعاقتهم ووقف اندفاعهم نحو المخيمين من جهة الفاكهاني على حدود المدينة الرياضية. استشهد من استشهد وأسر من أسر وأعتقل من اعتقل وجرح من جرح من مجموعتنا. فيما بعضنا خرج سالماً من المواجهة. اعتذر عن ذكر أسماء الرفاق والرفيقات.

في المجزرة قتل وفقد آلاف الفلسطينيين ومئات اللبنانيين الذين كانوا يقطنون في المخيم أو بجواره. وكذلك بعض المواطنين العرب والآسيويين الذين سكنوا في المكان. قضوا على أيدي ١٥٠٠ مسلح همجي، من رعاع ومجرمي وزعران وسفاحي شوارع الحرب الأهلية اللبنانية، ومن الذين تمت تعبئتهم حقدا وكراهية على الفلسطينيين والمسلمين واليساريين والقوميين والوطنيين اللبنانيين. هؤلاء الذي ضُرِبوا في الصميم يوم تم صرع المقبور المجرم بشير الجميل في قلب مقره في شرق بيروت. كان المجرمون يحضون برعاية وحماية جيش الغزو الصهيوني الذي اجتاح غرب بيروت الخالي تماماً من المقاتلين بعد مغادرة الفدائيين الفلسطينيين لغرب العاصمة في نهاية شهر آب – أغسطس ١٩٨٢.

لقد كان التنفيذ من قبل جماعات وعصابات الإنعزاليين والفاشيين اللبنانيين كتائب مع حراس أرز وجيش سعد حداد فيما الدعم الشامل والاشراف الكامل “اسرائيلياً”. كنت هناك وجرحت هناك وشاهدت ذلك بأم العين.

في ذكرى المجزرة اود أن أحيي جماهير شعبنا في مخيمي صبرا وشاتيلا، الذين مع مخيم تل الزعتر نالوا النصيب الأكبر من الاجرام والارهاب الصهيونيين والانعزاليين اللبنانيين. وقدما ضريبة كبيرة على مذبح العودة والتحرير والكفاح لأجل صيانة عروبة لبنان ووحدته ودفاعاً عن قواه القومية واليسارية والوطنية العروبية والتقدمية.

تحية للأهل في صبرا وشاتيلا الذين بالرغم من الجراح النازفة والمجزرة وكل المعيقات والآلام والتحديات والظروف الأمنية الصعبة جداً، استقبلونا نحن شباب مخيم عين الحلوة ومخيمات الجنوب اللبناني، التي كانت في ذلك الوقت لازالت تحت الاحتلال الصهيوني. وقدموا لنا المسكن والمأوى وكل ما يمكن تقديمه.

تحية لروحي العم جميل حمد (الزين) أبو اسماعيل والعمة علياء حمد – أم اسماعيل فقد كانا خير الرعاة لنا… وكانا خير الوالد والوالدة لي ولكل شباب مخيم عين الحلوة. كما كانا خير الأهل للرفاق الفدائيين العرب رفاقي في جبهة التحرير الفلسطينية وقائدها الشهيد طلعت يعقوب، الذين تقطعت بهم السبل، فكان منزل العائلة في مخيم شاتيلا حاضنة لهم جميعاً، للسوري والعراقي والخ… ولكل فدائي جاء الى ثورتنا للدفاع عنها وعن قضية فلسطين وعن عروبة لبنان. فتلك هي قيّم شعبنا وتلك هي كرامة الأوفياء ووفاء الأحرار للأحياء وللشهداء.

رحل المجرمون واحداً تلو الآخر ولازال بعضهم على قيد الحياة وحظوا ويحظون بعلاقات وبلقاءات مع رسميين فلسطينيين من العار أن يتحدثوا بإسم شعبنا. لأنهم خانوا كل شيء من تصفية القضية والثورة الى العمل في خدمة الاحتلال وصولا لتبرئة المجرمين سفاحي صبرا وشاتيلا. الكلام عن لقاء المجرمين ينطبق على مجموعة اوسلو الفلسطينية وقادتها الذين التقوا بسمير جعجع أكثر من مرة. كما وينطبق أيضا على من استقبل المجرم انطون زهرا ودعاه الى زيارة غزة وعلى كل فلسطيني يلتقي بهم أو يسامحهم ويغفر لهم ويصالحهم.

المجد والخلود لشهداء وضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا

ممنوع النسيان والغفران ويجب الاصرار على المحاسبة والعقاب.

نضال حمد

16-09-2021

في يوم صبرا وشاتيلا – نضال حمد