الأرشيفكتب

في يوم القهوة العالمي – نضال حمد


في ذلك اليوم أي في الأول من تشرين الأول اكتوبر من سنة ٢٠١٤ عرفت أنه يوم القهوة العالمي ,وكنت كتبت عن هجراني للقهوة وعدم الاقتراب منها على مدار سنوات. لكن الأمر تغير من ٢٠١٤ الى يومنا هذا في أكتوبر ٢٠٢٣. فمنذ سنوات عدت اشرب القهوة يومياً وبشكل دائم وتقريباً توقفت عن شرب الشاي… ومش بس الشاي … السبب والحق على المعدة وليس على الطليان، فهؤلاء لديهم أشهى وأطيب أنواع القهوة. لي مع قهوة ايطاليا والمقاهي الطليانية ذكريات كثيرة وكذلك مع مقاهي وقهوة بلدان عربية وأجنبية عديدة.
مثلاًُ في الدول العربية كنا نحب القهوة العربية بالهال في أوروبا يسمونها القهوة التركية …
اكتشفت يوم تعرفت على اليمنيين أهل اليمن بأن القهوة عندهم أنواع وأصناف وتشرب بطرق مختلفة تماماً عن قهوتنا في سوريا وفلسطين والأردن لبنان يعني في بلاد الشام. ومثلها في السعودية ودول الخليج الأخرى وتختلف في ايران.
في بولندا تعرفت على طرق غريبة عجيبة في صناعة القهوة كانت بسيطة وغير معقدة، وكان هذا في منتصف الثمانييات من القرن الفائت، عندما كانت لازالت شعبية واشتراكية وتتبع نفوذ الاتحاد السوفيتي. كانوا يأتون بالبن وهو من أنواع القهوة التي معظمها رديء بالنسبة لذوقي، تحسن فيما عبد ومع مرور الزمن، يسخنون المياه حتى تغلي ، ثم يضعون ملعقتان أو أكثر من البن في كأس أو فنجان ويديرون المياه الساخنة عليها، ويحركونها لبعض الوقت، ثم يتركونها قليلاً، فتصبح جاهزة للشرب.
هناك القهوة الإسيبريسو في ايطاليا واسبانيا والبرتغال وحتى في فرنسا وامتدت الى كل العالم. وهناك القهوة المرة العربية التي تقدم عادة في الأتراح وفي الأفراح. وكان هناك فنانون في دق المبهاج وطحن البن يدوياً. وهناك قهوة سعودية يسمونها (العربية) وهي شهية لكنها تختلف عن كل قهوة شربتها في حياتي. قدمها لي مؤخراً خلال زيارتي للندن صديق فلسطيني قضى نصف حياته أو أكثر في السعودية، هذا قبل أن يجد في لندن مأوى آمناً ولجوء وفرص عمل.
وفي قهوة افريقية وأخرى لاتينية ووسائل طهي خاصة بكل دولة وشعب .. بالنهاية أنا أحب أنواع من القهوة وأحب المقاهي لكن ليس كلها.


هنا مقالة لي عن قهوة أمي وقهوتي السماوية المخيمية:
قهوة أمي عربية وسماوية – كتبتها في 01/20/2023 :
ذات صباح وخلال زيارة لعائلتي في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة صيدا عاصمة الجنوب اللبناني. جلست في ساحة دارنا أتأمل مكاناً أمامي كنا في طفولتنا نسميه “الحاكورة” يعني الحديقة الصغيرة ضمن دارنا. فقد كانت في ذلك الوقت تضم ٣ شجرات تين ودالية عنب وشجرة ماندارينا أو كلمتين أو يوسف أفندي… كذلك بعض الخضراوات المزروعة هناك بالإضافة للورود. كما كان لدينا زوج حمام حتى وقت طويل..
في طفولتي كنت اقوم بتربية فراخ الصيصان الصغيرة الصفراء اللون… في ذلك الوقت كانت تربية الصيصان من الأمور الدارجة بين أولاد المخيم.
عندما كبرت الصيصان قام قريب لي بذبحهم بناء على طلب والدي. يومها انتفضت وقاومت ورفضت ولعنت الذي قام بذبحهم.. بالنسبة لي أنا الطفل الصغير في ذلك الوقت اعتبرت أن ذبحهم والتهامهم جريمة… وأذكر أنني بكيت بحرقة وكأنني فقدت جزءاً من جسدي أو واحداً من أحبتي.
كما تحضرني الآن قصة عن ملصقات للشهداء الفلسطينيين كنت أجمعها في طفولتي وعندما أصبحت كمية تلك الملصقات الورقية كبيرة ولم يعد هناك مجال للاحتفاظ بها في المنزل الصغير والضيق، الذي كان يضم ثمانية أفراد. قمت بحفر جورة في الحديقة قرب شجرة التين دفنت فيها الملصقات كأنني كنت أقوم بدفن الشهداء من جديد في مقبرة جديدة.
بينما أنا غارق في ذكرياتي الطفولية المنزلية المخيمية حضرت والدتي تحمل صينية
وضعت عليها ركوة قهوة عربية وفنجانين مزركشين عربيين، واحد لها والثاني لي. ارتشفنا قهوتنا وتحدثنا قليلاً ثم دخلت الى الغرفة المجاورة حيث كان أبي يرقد على سريره يدخن سجائره العربية (الهيشة) المصنوعة من التبغ العربي السوري كما أخبرني بنفسه.
فنجان القهوة كان أمامي على الطاولة الصغيرة حين لفت انتباهي انعكاس السماء والضوء في القهوة والرغوة. بقيت أتأمل بانوراما القهوة الساحرة والساخنة، ثم تناولت هاتفي النقال وأخذت التقط الصور التي ظهرت كأنها لوحات مرسومة بطريقة فنية جميلة.
في هذه اللحظات ومن منفاي البعيد في أوروبا أضع أمامكم فنجان القهوة العربي السماوي الذي اعدته لي أمي والذي صورته بنفسي لأنه سحرني.. وبنفس الوقت أقوم الآن بارتشاف قهوتي الغربية وأنا أشاهد نشرة أخبار مكررة كل يوم.

  • كنت قبل سنوات وتحديدا سنة ٢٠١٤ كتبت التالي عن ذلك اليوم.. تجدون ما كتبت على الرابط التالي: