وقفة عز

لفخري البرغوثي ورفاقه مقاومة ستفك قيدهم

 نضال حمد*

في الوقت الذي نشرت صحف الاحتلال لاءات نتنياهو للتبادل مرت بصمت وبدون ضجيج الذكرى السنوية ال33 لاعتقال نائب عميد الأسرى الفلسطينيين فخري البرغوثي، فلم نشهد لا احتفالات أو تجمعات ولا ندوات أو لقاءات تلفزيونية حول هذا الأمر.

كل الذي حدث في هذا اليوم أن ثمانية أشخاص من نادي الأسير الفلسطيني قاموا بزيارة منزل العائلة. كأن ثلاثة وثلاثون عاماً من الصمود خلف قضبان السجون وفي الزنازين، منها بضع سنوات مع أبناؤه الأسرى حيث تعرف عليهم هناك … إذ كان يوم أعتقل تركهم أطفالاً ليراهم فيما بعد معه في الزنزانة الواحدة، مناضلين أسرى ورجال ثورة.. كأن كل هذا ليس مهماً للفلسطينيين ولا لفصائلهم وأحزابهم وقياداتهم ولجانهم العديدة، وخاصة تلك التي تعنى بشؤون الأسرى. إن هذا الأمر يدعو للأسف الشديد وللغضب من الاهمال الفلسطيني لقضايا هامة مثلما هي قضية الأسرى الذين صمدوا ومازالوا يصمدون دفاعاً عن قناعاتهم الثورية وخياراتهم الجهادية، من أجل قضيتهم الوطنية التي ناضلوا لأجلها وأعتقلوا في سبيل ديمومتها واستمراريتها وصيانتها من الترهل والفساد والاستسلام، والمحافظة عليها من شر التنازلات والمؤامرات ومن بروز القيادات الفاسدة وقادة المصادفة، بالذات هؤلاء الذين صنعتهم مراحل التبعية والاستزلام والتفريط والقبول بالعمل كموظفين لدى الاحتلال، تحت مسميات عديدة السلطة والتنسيق الأمني والمفاوضات .. تلك القيادات صعدت الى أعلى هرم الثورة فخربتها ودمرتها وعاثت فيها فسادا، فأفسدت كل شيء جميل في فلسطين، وحولت النضال الوطني الى سباق على السرقة والتبعية والولاء لمن يدفع.. حتى أن هناك قسماً منها يدافع عن أمن الاحتلال ويعمل ضد كل من يعمل لأجل مقاومته ومن أجل تحرير فلسطين. وإلا ماذا نسمي أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية وقادتها المبرمجين أمريكياً.

رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو يكشف لوسائل الاعلام عن لاءات حددها كمعايير لاطلاق سراح أسرى فلسطينيين مقابل الجندي الاسير جلعاد شاليط .. وأهمها رفضه اطلاق سراح أسرى فلسطينيين أدينوا بتنفيذ عمليات قُتِلَ خلالها بعض الصهاينة. كما حدد عدم قبوله اطلاق سراح رموز الانتفاضة الفلسطينية وبالذات القائدان أحمد سعدات أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومروان البرغوثي أمين سر حركة فتح بالضفة الغربية، كذلك الأسير عبدالله البرغوثي (محكوم 67 مؤبداً) والأسير عباس السيد ( مخطط عملية فندق بارك ) من قادة كتائب القسام في الضفة الغربية، بالاضافة للاسيرة آمنة منى. وكذلك جميع الأسرى الفلسطييين من الخط الأخضر أو فلسطين التاريخية والطبيعية، الذين يطلق عليهم رغماً عنهم عرب ” اسرائيل”. كما أن نتنياهو وضع خطوطاً حمراء خلال المفاوضات عبر مصر والوسيط الالماني مع حركة حماس لتبادل الأسرى.

في الوقت الذي يعلن فيه الصهاينة لاءاتهم وشروطهم وخطوطهم الحمراء للتفاوض حول التبادل.

تفيد أحدث الاحصاءيات التي نشرت يوم الاثنين الموافق 28 حزيران / يونيو 2010 من قبل الأسير السابق والباحث في شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة أن تعداد الأسرى الفلسطينيين قد بلغ ( 6800 ) أسيراً بينهم ( 300 ) طفل و( 34 ) أسيرةً و(213 ) معتقلاً إدارياً و ( 7 ) أسرى من غزة وفقاً لقانون مقاتل غير شرعي ، و(11) نائباً من الجلس التشريعي .. فيما هناك قرابة ( 1500 ) أسيراً يعانون من أمراض مختلفة، بينهم العشرات يعانون من أمراض خطيرة ومزمنة وخبيثة وبحاجة إلى علاج عاجل وعمليات فورية..

وجاء أيضاً في تقرير فروانة أن من بين الأسرى ( 800 ) أسير صدر بحقهم أحكاماً بالسجن المؤبد لمرة واحدة أو لمرات عديدة، وأن ( 590 ) أسيراً صدر بحقهم حكماً بالسجن أكثر من عشرين عاماً وأقل من مؤبد، وأن ( 472 ) صدر بحقهم حكماً بالسجن أكثر من 15 عاماً وأقل من عشرين عاماً، وأن ( 710 ) أسيراً صدر بحقهم حكماً بالسجن أكثر من عشرة أعوام وأقل من 15 عاماً . فيما بلغ عدد المعتقلين الإداريين ( 213 ) معتقلاً وما نسبته ( 3. %)، دون تهمة ودون محاكمة .

وكشف فروانة أن من بين الأسرى يوجد ( 309 ) أسيراً معتقلين منذ ما قبل أوسلو وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية في الرابع من مايو / آيار عام 1994، ويطلق عليهم مصطلح ” الأسرى القدامى “، ومن بين هؤلاء ( 117 ) أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً ويُطلق عليهم مصطلح ” عمداء الأسرى “، فيما تضم قائمة ” جنرالات الصبر ” ( 19 ) أسيراً مضى على اعتقالهم ربع قرن وما يزيد، ويُعتبر الأسرى نائل وفخري البرغوثي وأكرم منصور هم أقدم الأسرى حيث مضى على اعتقالهم أكثر من ثلاثين عاماً .

إن الوفاء للأسرى لا يكون بالأناشيد والكلمات والبيانات والمزايدات بل بالعمل الحقيقي والدؤوب لأجل انتزاع حريتهم بكافة السبل والوسائل الممكنة. وعلى الفلسطينيين أن يستفيدوا من الاحتلال الصهيوني وتوحد مجتمعه المعادي حول قضية الأسير الصهيوني جلعاد شاليط. فالمجتمعات والشعوب التي تحترم جنودها أو أسراها تفعل كل شيء لأجل حريتهم وتأمين عودتهم بسلام وسعادة وكرامة الى عائلاتهم ومجتمعاتهم. حتى أن نتنياهو وهو رئيس الكيان الصهيوني وأكثر قادته عنصرية وعداء للعرب وللفلسطينيين لم يستطع أن يتجاهل مطالب مجتمعه، حيث قال لعائلة شاليط إجمعوا لي أكبر عدد من “الاسرائيليين” في الشارع حتى أوافق على شروط عملية التبادل وأطلق سراح الذين تريد حماس أن تشملهم الصفقة. ويبدو أن عائلة شاليط التي تريد عودة ابنها من الأسر والتي تحاول بكل السبل عبر الضغط أيضاً على الرئيس الفرنسي ساركوزي، المنحاز للكيان الصهيوني، والذي يدافع عن حرية شاليط بينما لا يتحدث بتاتاً عن الأسير الحموري، الفلسطيني، الفرنسي الجنسية، المعتقل لدى الصهاينة، والذي يقضي حكماً بالسجن مدته ست سنوات. كما وتمارس العائلة ضغطاً كبيراً على السياسيين في كيان الاحتلال لاجبارهم على العمل من أجل حرية شاليط.

على الفلسطينيين الاستفادة من تكتيك عائلة شاليط وأن يمارسوا ظغطاً على قياداتهم، ليعززوا موقف فصائل المقاومة التي أسرت شاليط، وعليهم كذلك أن يلتفوا حولها ويتمسكوا بشروطها. لأن هذه الفرصة المتوفرة الآن لن تتكرر قريباً، فأي تهاون في شروط اطلاق سراح شاليط ستكلف سنوات اضافية جديدة وطويلة للأسرى وخاصة منهم القدامى والمرضى والأطفال والنساء وبالذات أسرى ال48 .

في السابق جرت عدة عمليات تبادل عربية صهيونية للأسرى ونذكر منها عمليات التبادل المشرفة التي قامت بها الجبهة الشعبية القيادة العامة، والتي أسفرت نتيجة اصرار الجانب الفلسطيني على مطالبه عن اطلاق سراح الغالبية العظمى من الأسرى القدامى وأبطال العمليات المميزة، التي يصفها الاحتلال عادة بالعمليات الارهابية ، وبأن منفذيها من الأسرى الذذين تلطخت أياديهم بالدماء اليهودية، ويصر على عدم الافراج عنهم، لكنه في نهاية المطاف يرضخ ويفرج عنهم .. ولولا تلك العمليات لم تكن ليلى خالد حرة طليقة ولا المناضل الثوري الأممي كوزوموتو، ولا عميد الأسرى العرب سمير القنطار، الذي فعلت المقاومة في لبنان كل شيء لأجل اطلاق سراحه ومبادلته وتحريره وفي النهاية نجحت في ذلك .

 

* مدير موقع الصفصاف

 

29-06-2010