وقفة عز

هل مات أبو العباس ميتة طبيعية أم انه قتل لسبب أو لآخر؟

سؤال سيكون من الصعب إيجاد الإجابة الصحيحة عليه لأن أسرار المعتقلات الأمريكية في العراق توجد فقط عند الجانب الأمريكي، كما أنه ليس بمستطاع أي شخص معرفة ما الذي يدور في تلك المعتقلات الجماعية الشبيهة بغوانتانامو القاعدة وطالبان.

لكن قبل أن نسأل هل قتل أبو العباس، علينا ان نسأل ما هي المصلحة الامريكية في قتله؟؟..

 شخصيا أميل إلى القول أنه لا توجد مصلحة أمريكية في قتل أبو العباس بل هناك مصلحة (إسرائيلية) أكبر، تلك المصلحة الصهيونية تكمن في الانتقام من الرجل بالرغم من أن (إسرائيل) وأمريكا كانتا في السابق وبعد اتفاقية اوسلو تخلتا عن توجيه أية تهم وإدانة للمرحوم أبو العباس وذلك على خلفية عملية اختطاف الباخرة الايطالية أكيلو لاورو سنة 1985.

أما أبو العباس الذي كان يختار بنفسه وبشكل مرتب جيدا طبيعة ونوعية وكيفية تحالفاته السياسية والأمنية. وكان يفعل ذلك بحرص. يسجل على الرجل أنه ساهم مساهمة فعالة ورئيسية في شق جبهة التحرير الفلسطينية (نهاية 1983) وشرذمة ذاك التنظيم الفلسطيني الذي كان طموحا وفعالا، حين قرر الالتحاق بنهج القيادة المتنفذة في م ت ف بعد خلافات عاصفة شهدتها حركة فتح وم ت ف بُعيد الخروج من حصار بيروت الشهير سنة 1982.

من المؤكد ان ابو العباس لقي التشجيع والدعم والتأييد في تونس ( ياسر عرفات ) وبغداد ( صدام حسين ) بعد أن انشق عن التنظيم الأم… ويسجل أيضا عليه أنه إنشق عن قيادة رفيقه طلعت يعقوب للجبهة بدون أي سبب سياسي مقنع أو منطقي. ثم تحالف أبو العباس مع النظام العراقي وظل هذا التحالف قائما حتى سقوط النظام في نيسان – ابريل من العام الماضي بعد احتلال العراق.

الذي يقرب وجهة النظر التي تقر بوجود مصلحة (إسرائيلية) في قتل أبو العباس هي أن الرجل وقع في الأسر الأمريكي وأصبح سجينا منذ سقوط بغداد العام الماضي. ومن هنا فإن (إسرائيل) قد تكون فكرت في قرارة نفسها وقالت بصمت، كما تعمل، بما أن الأمريكان اعتقلوه وزجوا به في السجن ورفضوا إطلاق سراحه رغم عدم وجود مسببات لاعتقاله، خاصة أنه كان أنهى قضية العجوز الأمريكي الكسيح الذي قتل في السفينة المختطفة اكيلو لاورو، عبر تعويضه بمبلغ مليون دولار أمريكي، ومن ثم أبرمت اتفاقية بين (الإسرائيليين) والأمريكان والمنظمة تعتبر كل شيء حدث قبل اوسلو أصبح لاغيا. ويوم عقد مجلس وطني الغاء الميثاق الوطني وتعديله في حضور بل كلنتون ولأجل خاطره وخاطر الصهاينة، شارك أبو العباس وصوت مع عرفات كما كان فعل في مجلس اعلان الاستقلال في الجزائر سنة 1988. مخالفا وعدا أعطاه لرفيقه طلعت يعقوب بالتصويت ضد مشاريع قرارات عرفات.

ربما تكون هذه فرصة (اسرائيل) المناسبة لشطبه بالسُمِ المحلي أو المستورد أو المُصنع (إسرائيليا)، أو بأي طريقة أخرى ممكنة. وبهذا يكون أبو العباس كفلسطيني قاتل الصهاينة والأمريكان في مراحل نضالية سابقة نال الجزاء المُحبب صهيونيا، والذي تؤمن به (إسرائيل) من يمينها الى يسارها فوسطها، تؤمن به دائما وتعتبره عقابا مستحقا لكل فلسطيني حمل السلاح بوجهها وحارب مشروعها الصهيوني على أساس إيمانها بأنه إرهابي عربي.

إن وفاة السيد أبو العباس في السجن الأمريكي تفتح الباب على مصراعيه حول حقوق السجناء والمعتقلين في سجون الاحتلالين الأمريكي والصهيوني، في معتقلات العراق وغوانتنامو، وكذلك في فلسطين المحتلة. فلا يمكن لدول محتلة وغازية أن تبقى تعتقل آلاف البشر لمجرد أنها تريد اعتقالهم ومعاقبتهعم والانتقام منهم، أو لأنها تشك بهم أو ما شابه ذلك من تهم أخرى. فهناك قوانين دولية يجب أن تلتزم بها الدول المارقة مثل الولايات المتحدة الأمريكية و(إسرائيل) الصهيونية.

هل فعلا تمت تصفية أبو العباس على خلفية أعماله السابقة أم أنه أصيب بنوبة قلبية حادة أدت إلى وفاته في السجن؟

الطريقة التي توفي بها أبو العباس تعيدنا إلى وفاة القائد الفلسطيني الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية طلعت يعقوب يوم 17-11-1988 في الجزائر العاصمة حيث توفي الرجل فجأة وعن عمر يناهز ال44 عاما، ولم يكن في السابق يعاني من أمراض قلبية وضغط وضيق تنفس أو ما شابه ذلك. يوم وفاته طالب بعض رفاق طلعت يعقوب بالتحقيق في أسباب الوفاة المفاجأة، ظنا منهم على ما يعتقد بأن العملية برمتها مدبرة وأنه لم يصب بنوبة قلبية حادة كما قال البعض. فهل ما أصاب طلعت يعقوب في ذاك اليوم البعيد عاد وأصاب نائبه سابقا أبو العباس في هذا اليوم القريب؟

لقد كان ابو العباس حالة مميزة في حياته حيث لم يثبت في تنظيم واحد، انشق عن الجبهة الشعبية القيادة العامة بزعامة احمد جبريل سنة 1977 لأسباب سياسية وتنظيمية، ثم عن جبهة التحرير الفلسطينية بزعامة طلعت يعقوب سنة 1983 لكن هذه المرة بلا أسباب سياسية وتنظيمية، بل بغية أن يصبح أمينا عاما للجناح الذي انشق معه. كان يمارس عمله بعقلية الزعيم أو البيغبوس أو العراب، لذا كان هو المرجع والعنوان للذين انشقوا معه، ولا بد أن موته سوف يترك فراغا كبيرا في مركز القيادة في جناح الجبهة التابع له خاصة إذا ما أخذنا ايضا بعين الاعتبار أن هناك عدد من القيادة الأولى في المكتب السياسي للجبهة كانوا تركوا التنظيم بسبب خلافاتهم مع شخص أبو العباس. غياب الرجل بنفس الوقت قد يعجل في إعادة اللحمة والوحدة لهذا التنظيم الفلسطيني الذي هو بأمس الحاجة لإعادة لملمة نفسه وتوحيد صفوفه على أسس وطنية واضحة، وهل سيستوعب رفاق أبو العباس بقيادة أبو أحمد حلب هذه القضية؟ وهل سيقبل الجناح الآخر ( طلعت يعقوب) من الجبهة بقيادة أمينه العام ابو نضال الأشقر تفعيل الحوار مع ورثة أبو العباس من اجل الوحدة؟ هذا السؤال الذي يجب ان يطرح الآن بعد وفات أو إغتيال أبو العباس.

 

هل مات أبو العباس ميتة طبيعية أم انه قتل لسبب أو لآخر؟

 2004 / 3 / 12 

نضال حمد-

الصورة لأبي العباس

Bilderesultat for ‫أبو العباس‬‎