وقفة عز

المناضل الوطني محمود عبد العزيز عثمان – أبو أيمن

القائد الجماهيري أبو أيمن يرحل وعنوان الصراع لم يسقط عن كتفه

Bilderesultat for ‫القائد الجماهيري أبو أيمن يرحل وعنوان الصراع لم يسقط عن كتفه نضال حمد‬‎

نضال حمد

هل كان يعلم أو لم يكن يعلم المناضل الوطني محمود عبد العزيز عثمان – أبو أيمن بأن المنية ستأتيه في مخيم اليرموك قرب دمشق بين أهله وناسه الذين أحبوه واحترموه وساروا معه على درب الآلام المؤدي الى فلسطين؟

على كل حال ليس هذا هو الأهم فالموت حق رغم أنه يؤلم الذين يبقون لا الذين يرحلون. ورحيل هذا الثائر الوطني الصلب لا بد آلم كل الثوار الفلسطينيين الصلبين، المؤمنين بعروبة فلسطين وبأنها قضية كل العرب وكل الأحرار والثوريين والإنسانيين والشرفاء في هذا العالم الممتد الى ما لانهاية.

ولد أبو أيمن في قرية إسجير قضاء غزة سنة 1945 أي قبل نكبة فلسطين بثلاثة أعوام، وفي سنة 1964 وعندما كان عمره 19 عاما التحق بحركة القوميين العرب بزعامة الحكيم الثوري الفلسطيني، القائد العربي الراحل جورج حبش. وهناك مع الأبطال الشهداء والاحياء وديع حداد، أبو ماهر اليماني، غسان كنفاني، قسطنطين زريق، باسل القبيسي وأبو علي مصطفى و الأسير البطل المحرر سكران سكران، وجد الراحل أنه مازال يوجد أمل باستعادة أجزاء فلسطين التي اغتصبت في نكبة سنة 1948. لكن الحلم لم يتحقق ومنيت الأمة بنكسة حزيران – يونيو 1967 فأحتل الصهاينة بقية أرض فلسطين ومعها أراضي عربية أخرى في دول الجوار .

استمر أبو أيمن عنفوانيا في النضال ضمن الثورة الفلسطينية لذا رفض التعامل مع أي من الفصائل التي التزمت أو وافقت على البرامج المرحلية والتكتيكية. ومع الأخرى التي صارت المفاوضات وما يسمى عملية السلام استراتيجيتها. فليس لأجل ذلك التحق الشباب الثائر بفصائل العمل الوطني الفلسطيني المقاومة. و ظل مصرا على درب واحد هو درب الرجال و البنادق الذي كتب عنه الراحل الكبير غسان كنفاني، وظل تحت الشمس يدق جدران خزان الصمت كل يوم، وتنقل من مخيم الى مخيم ومن خيمة الى خيمة فوجد المخيمات كما الخيام وكما اللاجئين ثورة مشتعلة. 

آمن أبو أيمن بالجماهير وبالمقاومة والكفاح المسلح خيارا وحيدا لتحرير فلسطين كل فلسطين. وفي مرحلة ما بعد حصار بيروت وحيث استقر في مخيم اليرموك بدمشق العروبة التي بقيت الحاضنة لكل المقاومين العرب، ومازالت حاضنتهم بالرغم من المؤامرة الكونية التي تتعرض لها هذه الأيام. من هناك من الشام أم الدنيا وفي مخيماتها حيث لا توجد تفرقة بين سوري وفلسطيني وعراقي وأي عربي آخر، حيث سوريا تعاملهم جميعا كما مواطنيها وتوفر لهم ولعائلاتهم ظروف الحياة الكريمة، بدأ مرحلة جديدة من حياته النضالية. انها مرحلة العمل الشعبي والجماهيري والتعبوي لأجل التمسك بالثوابت الفلسطينية وأولها حق العودة. فأسس مع مناضلين آخرين منهم الشهداء ومنهم الأحياء لجان ومؤسسات عملت ومازالت تعمل لأجل التمسك بحق العودة، ومن أجل دعم خيار المقاومة والثورة المستمرة. 

استمر مناضلا في طليعة الصفوف الجماهيرية بنكران ذات وأخلاق ثورية عالية، يعمل من المخيم ومع أبناء المخيمات في سورية ولبنان والأردن وفلسطين المحتلة، وينسق عمله مع الجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية في أوروبا والشتات.

يوم توجهت أنا وزميلي وصديقي ورفيقي المناضل د. رمزي أبو عياش هو من ألمانيا وانا من النرويج مبعوثان عن الأمانة لاتحاد الجاليات والمؤسسات والجمعيات والفعاليات الفلسطينية في الشتات – أوروبا الى مخيم اليرموك لبحث إمكانية عقد مؤتمر الاتحاد الثاني في مخيم اليرموك بدمشق، كان لقاؤنا الأول مع الرفيق أبو أيمن ورفاقه في العمل الجماهيري الشعبي الملتزم في مخيم اليرموك وفي سوريا بشكل عام. التقينا به بعدما عَرّفّنا به الصديق الإعلامي الفلسطيني المناضل د. بسام رجا. وحضر الجلسة عدد من المناضلين الفلسطينيين المهتمين في هذا الشأن، كما كانت هناك جلسات أخرى في بيت التراث الفلسطيني، وفي مقهى الجليل وفي أماكن أخرى مع مناضلين آخرين أذكر منهم مأمون موعد ونزار السهلي، وسليمان عباسي وجمال الشهابي ود. سعيد وأبو وديع، ومحمد شعبان، وأبو هشام موعد، والقاضي رشيد موعد، وآخرين أعتذر إن نسيت ذكر أسماءهم هنا. استمرت جلساتنا مع أبو أيمن على مدار عدة أيام وكذلك عدة سفرات. وقبل أن نقفل أنا ورمزي عائدان الى أوروبا أصر أبو أيمن على أن يدعونا لتناول الغذاء في بيته بالمخيم، ولما كان الوقت لا يسمح بذلك قام أبو أيمن بتبديل الغذاء الى إفطار، فأفطرنا في منزله الفلسطيني المتواضع مع أصدقاء آخرين اذكر منهم الصديق المناضل د. غسان السهلي ابن مخيم اليرموك وأحد وجوهه الوطنية والشعبية المحترمة.

آمن الرفيق أبو أيمن بأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، وبأن فلسطين ملك للشعب الفلسطيني وللأمة العربية، وبأن الذين تخلوا عن درب الآلام الثوري والتحقوا بمعسكر المصالح والتحالفات التي دمرت القضية لم يعودا منا. وبأن العمل الجماهيري الصحيح والملتزم سيجد حلا لمرض العضال السياسي وللعقم الذي أصاب الثورة الفلسطينية. وبأن الذين لم تتغبر نعالهم بتربة المخيمات الفلسطينية، والذين لم يعيشوا مع أهل المخيمات ويعرفوا معنى الحياة في المخيمات لا يمكن أن يعلموا أهل المخيمات اللاجئين الذين صنعوا الثورة والمعجزات وقدموا الشهداء والتضحيات، كيف يحافظون على الثورة، ويلتزمون بها وبحق العودة، ولا يتخلون عنه حتى في أحلك الظروف وأكثرها سوداوية.

سنفتقدك أيها الثائر الذي لم يعرف التعب

وسوف تفتقدك جماهير مخيماتنا في سوريا وكل الشتات العربي والعالمي.

لقد كنت مقاتلا لا يتعب ولا يستكين، تحمل صليبك الثوري الفلسطيني على كتفك والكوفية كما البندقية عنوانا للصراع مع أعداء أمتنا العربية.

نم قرير العين يا رفيق الثورة الملتزمة وقمصان الشهداء التي تصرخ الجراح فيها نحن القرار، نحن القرار ونحن القرار.

17-05-2012