الأرشيفوقفة عز

الراحل أبو رشيد سلامة (الحكيم)، طوارئ وإسعاف المخيم – نضال حمد

من رموز الطب والصحة بالمخيم وكان يلقب بأبي رشيد “التمرجي” وكذلك أبو رشيد “الحكيم”. كان بمثابة مستشفى إسعاف وطوارئ الناس في المخيم. وفي هذا الخصوص قال لي الدكتور بسام البني (العصفور) حين سألته عن أبي رشيد الحكيم: “كنا كأطفال صغار نذهب وندق على بابه فيفتح نافذة غرفته ويسأل عن حاجتنا فنصف له الحالة أو ما شرحه لنا الأهل، فيعطينا بعض الحبوب مثل الاسبرين والبنادول والخ”. أضاف “الدكتور العصفور” أن أبا رشيد كان في فلسطين يعمل ممرضاً قبل النكبة ومع اللجوء والحاجة وانعدام الطبابة في المخيم أصبح يساعد الناس ويداويهم. انتبهت الى موهبته وحبه للمهنة زوجة ابن شقيقه وكانت ممرضة تدعى ليديا فساعدته كثيراً. توفيت هي فيما بعد وبقي أبو رشيد الحكيم يمارس المهنة في مخيم عين الحلوة حتى وفاته”.

كل أبناء جيلي والأصغر منه قليلاً وأبناء الأجيال الأكبر مِنا سناً يعرفون خير المعرفة طبيب المخيم والفقراء والمحرومين واللاجئين، الراحل أبو رشيد سلامة. فقد كان من أشهر الشخصيات الطبية في مخيم عين الحلوة منذ تأسيس المخيم قرب مدينة صيدا اللبنانية، بعد النكبة سنة 1948 ووصولاً الى سنة وفاته التي لا أعرفها.

كان الراحل أبو رشيد سلامة يسكن بالقرب من الوادي الشهير في المخيم، الذي غاب عن الوجود بعدما جرفته القوات الصهيونية حينما جرفت مساحات كبيرة من مخيم عين الحلوة سنة 1982، بعد احتلاله وتدمير أجزاء كبيرة منه خلال صموده وحصاره. الوادي المذكور كان يدخل الى مخيمنا من منطقة النبعة وطلعة سيروب ويشق طريقه عبر الحارة الفوقا، فالجسر قرب دكان حسن الشايب في حارة الرأس الأحمر والطيرة، ثم يتابع عبر حارة المنشية و(عاصمتها توفيق البُرلي) رحمه الله وطيب مثواه في أوسلو عاصمة النرويج حيث توفي هناك سنة 2000. وصولاً الى الجسر التحتاني بالقرب من النادي الثقافي العربي الفلسطيني التابع للجبهة الشعبية، حيث كنا نلعب كرة الطاولة “التنس” ونتدرب على أمور أخرى ونتثقف وطنياً وقومياً وتقدمياً، في طفولتنا وبداية مسيرة حياتنا. تتابع مياه الوادي والسيول تدفقها وخاصة في فصل الشتاء الى ما تحت وغرب الحارة التحتا حتى تتوارى خلف البساتين لتصب في النهاية في بحر صيدا. إذا لم تخن الذاكرة هناك بعض أطفال المخيم غرقوا وجرفتهم سيول الوادي الشتوية.

كان أبا رشيد سلامة المولود في فلسطين المحتلة وربما في قرية مجد الكروم بالجليل الأعلى المحتل، جاهزاً لأي عمل يساعد فيه مريض أو مريضة في المخيم. فكان يحمل شنطته الطبية المميزة والشهيرة، مثل شنطة الحاج أبو حسن المطهر السوداء الشهيرة، ليذهب الى المرضى في بيوتهم لمساعدتهم، في أي وقت، في النهار والليل وبعد منتصف الليل وعند الفجر. كان الراحل مثل مؤسسة الاسعاف والطوارئ، لوحده أقام الخدمات الطبية السريعة، فكان المُسعف والطبيب والإسعاف. كان مستعداً وحاضراً وجاهزاً بشكل دائم وفي أي وقت. بما أنه لم يكن في المخيم آنذاك قسم للطوارئ، فقد كان أبو رشيد سلامة ومعه شنطته السحرية هما قسم طوارئ وإسعاف مخيم عين الحلوة لسنوات طويلة.

لا يمكن الحديث عن ذاكرة مخيم عين الحلوة والمراحل التي تطورت فيها حياة سكانه بعد اللجوء والنكبة، دون الحديث عن شخصيات صحية وطبية إرتبطت الحياة في المخيم بوجودها في ذلك الوقت، مثل أبو رشيد سلامة وأبو حسن المطهر وأبو حسني خليل وصبحي (عيادة الانروا) وأبو سامي المصري، كلهم من الجيل الأقدم… وآخرين وأخريات مثل الدايات (القابلات القانونيات) والممرضات والمعلمات والخ. ربما استطيع في يوم ما أن أكتب بتفصيل أكبر عن هؤلاء كلهم-ن.

أما المرحوم أبو سامي المصري فهو شخصية خاصة ويجب أن يتوسع الانسان في البحث والكتابة عنها وهذا يحتاج لمساعدة كبار السن ولمن يتذكرونه ولمن عرفوه وعايشوه. الصديق صالح العلي ابن مخيمنا عين الحلوة أرسل لي مذكراً بأبي سامي المصري الذي كان صديقاً للمرحوم والده وللراحل أبو حسن المطهر. وقد جاء في رسالة صالح:

” أبو سامي المصري عمل ممرضا لدى وكالة “الانروا” في مخيم عين الحلوه وهو من التابعية المصرية. أتى الى فلسطين في عام1919 وتعرف على زوجته في فلسطين وهي في الأصل من بلدة درب السيم اللبنانية قرب مخيم عين الحلوة. ولجأ إلى لبنان عام النكبة 1948 وسكن في بلدة درب السيم. كان مسجلاً كلاجىء فلسطيني، وظل يحتفظ بالجنسية المصرية “.

ختاماً أتمنى على كل من لديهم-ن معلومات إضافية عن أبي رشيد سلامة وأبي سامي المصري وأبي حسن المطهر وأبو حسني خليل وصبحي والآخرين والأخريات من حقل الصحة والتمريض والطب، أن لا يبخلوا ويبخلن علينا ويرسلونها ويرسلنها لنا في مجموعة ذاكرة أهل الصفصاف أو في موقع الصفصاف – وقفة عز، لكي نتوسع في كتابتها ونشرها وإضافتها لمقالاتنا عن هذه الشخصيات التاريخية في مخيمنا عين الحلوة. فربما تكون في كتاباتنا هذه فائدة للأجيال القادمة.

نضال حمد

2-8-2021

“الراحل أبو رشيد سلامة، طوارئ وإسعاف المخيم – من رموز الطب والصحة في مخيم عين الحلوة”.