الأرشيفوقفة عز

الأستاذ إبراهيم حسين .. كان معلمنا وصديقنا ورفيقنا – نضال حمد

إنه واحد من الأساتذة المحترمين والمحبوبين في مخيمنا عين الحلوة وفي مدرسة حطين التكميلية. وواحد من المعلمين الذين علمونا القراءة وتثقيف الذات وحب الأدب العربي والأدب العالمي فكان له فضل علينا في بداية تكويننا أدبياً وثقافياً، حيث بدأنا التمتع بقراءة القصص والروايات العربية والعالمية من خلال ما قدمه لنا من كتب وروايات وقصص وأشعار والخ.  لقد كان حريصاً على أن نكون جيدين ونعرف بشكل لائق لغتنا العربية.

لأنه ابن مخيم وعائلة لاجئة فقيرة، عاشت مثلنا في ظروف المخيم الصعبة وفي حارات الفقر المسلح بقناعات العودة والحرية، كان يعرف بأننا من عائلات فقيرة ولاجئة، بالكاد تؤمن لقمة عيشها. وكنا يومها لازلنا أطفالاً ولا يمكننا القيام بتوفير المال لشراء واقتناء الكتب ومنها الروايات والقصص والشعر، هذا إن توفرت لدينا الرغبة لفعل ذلك. ولتشجيعنا على المطالعة بادر الأستاذ ابراهيم في يوم من الأيام وأحضر الى صفنا ما توفر لديه من كتب أدبية وروايات وقصص ودوواين شعر في منزله ومكتبته الخاصة. وضعها على الطاولة وقال لنا: من يريد أن يقرأ فليستعر كتاباً، وبعد قراءته يبدله بكتاب آخر مع زميله وهكذا دواليك، لكي تتمكنوا كلكم في الصف من قراءة كل الكتب المتوفرة.

في هذا الصدد قال لي صباح هذا اليوم صديقي وزميلي منذ الطفولة والمدرسة في المخيم، المهندس زياد الخطيب، أنه قرأ أعمال جبران خليل جبران لأول مرة في حياته بفضل الأستاذ ابراهيم حسين. ويمكن كلام زياد ينطبق علينا جميعاً نحن أبناء وتلامذة صف الأستاذ أبو ياسين في المدرسة الابتدائية ثم صف الأستاذ ابراهيم حسين في المدرسة المتوسطة. أنا بصراحة لا أذكر أي الروايات أو القصص استعرت في تلك السنة، لست متأكداً من الكُتب التي قرأتها ربما كان من بينها روايات مصرية.

.كان صفنا في مدرسة حطين بمخيم عين الحلوة وكنا يومها في الصف الأول متوسط أو تكميلي بعدما أنهينا للتو المرحلة الابتداية في مدرسة قبية. تلك المدرسة الأولى في حياتنا، قضينا فيها ست سنوات بالتمام والكمال. كانت تقع مقابل منطقة السور وملاصقة لبستان اليهودي من جهة ولمخيم الطوارئ أو الكم العتيق كما يسميه ختايرة المخيم من جهة أخرى. غير بعيد عن مدخل المخيم قرب مستشفى الحكومي اللبناني. كما كان هناك قرب المدرستين قبية والفالوجة أيضاً مكتب للجبهة الشعبية، داوم فيه المرحوم أسعد داوود – الضرير – حيث عمل مترجماً مع الوفود الأوروبية الطبية وغير الطبية.

 

 

خلف مدرسة قبية كانت هناك مقبرة شهداء هبة نيسان 1969، وخلفها مدرسة الناقورة للبنات وكانت مديرتها في ذلك الوقت المعلمة عبلة أحمد الشيخ حسن، زوجة المناضل الكبير سالم أبو سالم هو شخصية معروفة في مخيمنا وخارجه. كانت المديرة عبلة رحمها الله من أشهر نساء مخيمنا، مناضلة بامتياز وعلى كل الجبهات الاجتماعية والتعليمية والتربوية والنسائية والنضالية. فقد كانت من كادرات الجبهة الشعبية، اعتقلها الاحتلال الصهيوني بعد احتلال مخيم عين الحلوة سنة 1982. توفيت في شهر آذار من سنة 2020. سوف يكون لنا حلقة خاصة عن هذه الشخصية المميزة.

بالعودة الى الأستاذ ابراهيم حسين الغوراني أباً عن جد، سليل قرية عرب أبو شوشة في الجليل الفلسطيني الأعلى المحتل. الذي لجأ مع أهله وعائلته من الجليل الى لبنان، سنة 1948 واستقرت عائلته في مخيم عين الحلوة، في حارة عرب غوير، قرب مدرسة حطين القديمة وحي حطين والجميزة (الآن قرب حاجز الحسبة للجيش اللبناني الشقيق وجداره العازل). هناك واصل الأستاذ ابراهيم رحلة العلم والحياة لأجل العودة والتحرير، فدرس وأصبح مربياً ومعلماً في المدرسة، يربي ويعلم أبناء اللاجئين الفلسطينيين في المخيم. فعلمني أنا ومجموعة كبيرة من الأصدقاء والزملاء، من ضمن الذين مروا عليه في صفوف مدرسة المخيم وخلال سنوات التعليم هناك. كما شاءت الصدف أن يكون الصديق والرفيق رائد إبراهيم حسين، نجل الأستاذ من طلاب صفنا، ومن تلامذة والده. لا أدري ما حل برائد بعد سنة 1982 لكنني علمت ولست متأكداً أنه كان يدرس في إحدى دول المعسكر الاشتراكي سابقاً ربما في ألمانيا الشرقية. والحقيقة أنه لم يعد هناك اتصال مع رائد منذ ذلك الوقت. لكن صديقي وزميلي في المدرسة والصف الواحد من البداية حتى النهاية، الاخ نبيه الإمام أبلغني بأن رائد ابراهيم حسين يعيش منذ سنوات ربما في كندا فيما اصدقاء آخرين أكدوا لي أنه يعيش في ألمانيا. كما أعلمني نبيه بأن الأستاذ ابراهيم حسين أصبح منذ أكثر من سبع سنوات في العالم الآخر. فليرحمه الله ويطيب ثراه، فقد كان مربياً صادقاً وأستاذاً محترماً ومناضلاً صامتاً عمل بصمت وبدون مظاهر واستعراضات.

نضال حمد

7 آب – أغسطس 2021

الأستاذ إبراهيم حسين .. كان معلمنا وصديقنا ورفيقنا – نضال حمد

 

  • أمل من الذين أو اللواتي لديهم-ن  معلومات مميزة عنه أن يرسلونها لي مع شكري الجزيل.