من هنا وهناك

بداية النهاية للنظام السعودي – زهير كمال

 

وأخيراً شمر النظام السعودي عن ساعديه وبدأ حرباً لأول مرة في تاريخه ، ففي سابق عهده كان يستعمل الآخرين في حروبه يدفع لهم من خزائن أمواله وأسلحته، وهكذا أشعل حروباً في مناطق عديدة من هذا الوطن العربي المنكوب بأنظمة بالية وهزيلة.

لا بد من التنويه بأن النظام قد جرب نفسه واستعرض عضلاته سابقاً عندما دخل جيشه مملكة البحرين لإخماد الثورة الشعبية ضد نظام طائفي فاسد.

واليوم يبدأ حرباً ضد بلد ضعيف ومتهالك ولا وجود لسلطة مركزية قوية فيه، متوهماً أنه سينهيها في مدة قصيرة.

يمكن توصيف هذه الحرب بأنها حرب الأغنياء ضد الفقراء، والأغنياء هم من يمتلك المال ومعهم من يتمسح بأبوابهم وينافقهم عله يحصل على بعض الخير فينظرون اليه ببعض العطف فيعطونه مما أعطاهم الله، هكذا يتصرف حكام بعض الدول العربية الفقيرة مثل السودان ومصر والمغرب والاردن، فالحاكم الفرد في هذه الدول قرر المشاركة في الحرب كأنه يشارك في نزهة ، حتى أنه لم يرجع الى حكومته في موضوع دقيق كهذا، ولا يهم إن تضررت مصالح بلاده في المستقبل فهو لم يفكر فيها أصلاً.

وهذه الحرب هي حرب النظام العربي ضد الشعوب التي لا يشعرون بوجودها ولا يقيمون وزناً لها فشرعيتهم مستمدة من رضا السيد الأمريكي عليهم فقط، وليس ببعيد، مثل اختفاء أمير قطر حمد ورئيس وزرائه بعد غضب سادتهم ومشغليهم.

ولوهلة يبدو الوضع مواتياً للنظام السعودي فهناك تأييد عربي مباشر من عشر دول عربية من بينها النظام المصري وهناك دعم أمريكي واضح.

ويقوم الإعلان العربي بتصوير الوضع وكأنه لمنع تمدد إيران الشيعية الى البحر الأحمر ومن ثم سيطرتها على باب المندب. ويروج كذلك الى أن الدفاع عن مصالح الدولة (السعودية) حق مشروع تكفله القوانين الدولية ، وأنه من حقها منع انتشار الفوضى في الجزء الجنوبي من الجزيرة العربية والذي سيؤدي بلا شك الى انتشارها في كل المنطقة.

 يبدو ذلك صحيحاً.

ولكن من الأهم للنظام السعودي مضيق هرمز أم باب المندب؟

والجواب المنطقي أن الخليج العربي والمضيق الذي تمر به معظم صادرات النفط الخليجية الى العالم هو أهم بكثير. ومع هذا يقوم النظام الإيراني كل فترة بمناورات ضخمة فيه كما يصرح أعضاء بارزين فيه وبشكل مستمر أن إيران ستقوم بإغلاقه في حال نشوب حرب ضده وستضرب القواعد الأجنبية المتمركزة في أراضيهم. ومع هذا لم ينبس أحد ببنت شفة ولم نلاحظ أي رد فعل مباشر لإثبات الوجود أو أية مناورة بحرية أو برية تحدياً للتهديد المباشر، اللهم إلا أذا قام السيد الأمريكي بعملها فيشتركون معه.

وقد يتوهم البعض أن النظام السعودي يعرف كلمات كبيرة مثل الاستراتيجية والأمن الإقليمي والمصلحة العربية ولكن هذا غير وارد إطلاقا، فقد تركت هذه المسائل المعقدة للصديق الأمريكي الذي يعرف مصلحة الجميع، فعندما يطلب مثلاً تخفيض أسعار البترول وضخ المزيد بما يفيض عن حاجة السوق فهذا أمر معقول بالنسبة لهم حتى لو أدى الأمر الى إفلاسهم .

وفي تعليقه على أحداث اليمن قال السيد حسن نصر الله إن الحرب التي يشنها النظام السعودي على اليمن إنما هي لشعورهم بأنهم بدأوا يفقدون نفوذهم هناك.

والحقيقة أنه جانَبَ الصواب في ذلك، ففي تفكير آل سعود أن المال هو النفوذ وأن إغلاق حنفيته أو فتحها هو أفضل ما يمكن عمله لحل المشاكل.

إذاً فما الذي جرى حتى يجن النظام السعودي لأول مرة في تاريخه ويقوم بشن حرب مباشرة بقواته؟

علينا هنا أن نفتش عن إسرائيل ومصالحها، ففي حال قيام نظام وطني يرفع شعار الموت لأمريكا وإسرائيل ومدعوم من إيران فإن قيامه بإغلاق باب المندب أمام الملاحة الإسرائيلية وارد جداً.

في نفس الوقت فإن نظام كهذا لن يفكر أبداً في الإضرار بمصالح أشقائه في الجزيرة العربية أو مصر.

ولا تعني هذه الحرب سوى أنها استباقية لمنع قيام نظام كهذا ومن ثم إغراق اليمن في حرب أهلية طويلة لن تقوم له فيه قائمة.

وكما يلاحظ فإن الضربات الجوية تقوم بتدمير البنى التحتية الضعيفة أصلاً وستستمر في عمل ذلك حتى يرجع اليمن الى القرون الوسطى وستكون كل الجهود منصبة على منع قيام دولة مركزية فيه تستطيع إغلاق المضيق ، وعلى تشجيع قسمته الى أكثر من جزء وكل يحارب الآخر وبطبيعة الحال لن يقوم أحد بحساب الضحايا الأبرياء من شعبنا اليمني.

ما يحز في النفس فعلاً هو الموقف المصري الذي يمتلك المؤسسات ومراكز الدراسات ويعرف خفايا الأمور.

ولكن رئيسه يقف في خندق النظام السعودي ضد شعب اليمن مخالفاً بذلك تاريخ مصر المجيد في مساعدة هذا الشعب ولكن ليس مستغرباً من الملحق العسكري السابق في السفارة المصرية بالرياض المشير عبدالفتاح السيسي أن لا يشعر بعظمة مصر أو كونها هي قائدة العالم العربي، وإنما قزم نفسه ليتحول الى موظف سام ينفذ استراتيجيات الآخرين وأوامرهم ويثبت لهم أنه يقوم بعمله بكفاءة منقطعة النظير ( مسافة السكة) .

وهناك نقطة واحدة مضيئة في ظل هذا المشهد المريع ولم يحسب لها أحد حساباً ، وهي شعب اليمن وما عرف عنه من صلابة وقوة وحكمة فالإيمان يمان والحكمة يمانية.

فعند الشعوب الأخرى تقوم الحروب الأهلية لأتفه الأسباب ولكن شعب اليمن لن ينجر الى أتونها بل إن النظام السعودي وحربه ستنجح فيما فشل فيه  أنصار الله وذلك بتوحيد كل قواه في صف واحد، فسيف آل سعود مسلط على رقابهم جميعاً.

ومن المحزن أن تقوم الآن بعض المظاهرات في تعز وإب لتأييد الحرب السعودية ضدهم ، مع ما عرف من الثقافة والتنوير في المدينتين ، فمدينة تعز هي عاصمة الثقافة اليمنية. ولا شك أن سطوة إعلام النظام السعودي تلعب دوراً في هذا المجال، ولكن ستستفيق قريباً كلا المدينتين وباقي المخدوعين في الشعب اليمني.

إن الحفاظ على وحدة الشعب والأراضي اليمنية هي انتصار أهل اليمن في هذه الحرب ولكن على الجميع أن يعي المخاطر المحدقة وأن يقدم التنازلات للآخرين.

ومن أرض اليمن ستبدأ هزيمة القوى المعادية لتطلعات الشعوب العربية. 

بداية النهاية للنظام السعودي – بقلم: زهير كمال

اترك تعليقاً