الأرشيفوقفة عز

الحاجة “سميحة” أم محمد حوراني، زوجة الشهيد وأم الشهداء – نضال حمد

الحاجة سميحة حوراني امرأة من بلدة الصفصاف الجليلية وأم فلسطينية لكوكبة من الشهداء وزوجة شهيد…

ولدت في بلدة الصفصاف الجليلية في 15-05-1937 ونزحت مع عائلتها الى لبنان سنة النكبة 1948 ثم تزوجت من ابن عمها الشهيد علي الحوراني سنة 1952، استشهد زوجها الفدائي في قصف الطائرات الصهيونية لموقع تابع لجبهة التحرير العربية في مخيم النبطية سنة 1972. فقد كان زوجها المناضل من طلائع الفدائيين الأوائل الذي انطلقوا بالكفاح الفلسطيني المسلح في لبنان.

بعد استشهاد زوجها ترلمت الحاجة سميحة وبقيت وحدها في المنزل بمخيم عين الحلوة مع 11 طفلاً هم وهن أبناءها وبناتها. كان أكبرهم بسن 18 عاماً. بالاضافة للأولاد كانت تعيل أيضاً والد ووالدة زوجها العاجزين، الطاعنين في السن والمرضى. ثم أحضروا لها من الأردن الى لبنان عمة زوجها العاجزة فأخذت على عاتقها القيام بها ومساعدتها ورعايتها. أعالت الجميع وربت أولادها خير تربية وجعلت منهم مناضلين ومتعلمين ومتفوقين ورفاق وأصدقاء طيبين. ضحت بشبابها وحياتها لأجلهم ولأجل سعادتهم وضمان مستقبلهم.

عندما بدأت المجموعات الفدائية قبل نهاية سنوات الستينات بالانتشار في مخيم عين الحلوة كانت هناك مجموعة فدائية من أوائل المجموعات التي ظهرت في المخيم، والتي تمركزت وتموقعت في بناء قيد الانشاء عند “النبعة” على مفرق طلعة “سيروب: أول المخيم من جهة الشرق باتجاه مخيم المية ومية. في ذلك الوقت كانت أم محمد تعد لهم الطعام والشراب الساخن وتذهب لايصاله لهم كل يوم. كانت تهتم بهم كما تهتم بأولادها.

هكذا عاشت حياة غنية بالعطاء الانساني وبالتضحية الكبيرة من أجل عائلتها وأبناءها وبناتها، أولاد الشهيد الذي قدم حياته لأجل فلسطين، لكن فصائل العمل الوطني الفلسطينية كما شؤون الشهداء والجرحى في منظمة التحرير الفلسطينية لم تكن تهتم بشكل أفضل مما كانت عليه بعوائل الشهداء. هذا الأمر عشته وعرفته ورأيته وأحسسته بنفسي. برأيي أن تلك من أهم سقطات الفصائل خلال مسيرتها الطويلة المعمدة بدماء آلاف الشهداء. فالاهتمام بمصير عوائل الشهداء واجب مقدس جداً لدى من يقدر شهادة الشهداء وتضحياتهم في سبيل القضية والوطن والتحرير والعودة. فما نفع نشيد “يا أم الشهيد وزغردي كل الشباب أولادكِ” إذا كانت الفصائل فيما بعد تنسى عائلة وأم وأب وأولاد الشهيد.

أتذكر العمة أم محمد حوراني من أيام طفولتي ونشأتي وبداية شبابي في حارتنا، حارة الصفصاف بمخيم عين الحلوة. كذلك من خلال زيارات عديدة قمت بها الى بيتها حيث كانت تربطني علاقة صداقة ببعض أبناءها. هؤلاء الذين ترجلت مجموعة منهم على درب التحرير والعودة، شهداء لأجل فلسطين. المؤلم انهم كلهم استشهدوا بأيدي عربية فلسطينية مشبوهة وليس كما والدهم بغارات الطائرات الصهيونية على قواعد الفدائيين ومخيماتنا مثل مخيم النبطية الذي دمرته ومحته عن الخريطة. فالوالد سقط شهيداً بفعل صهيوني مباشر ولم يسقط برصاص عملاء ووكلاء الاحتلال الصهيوني في لبنان.

قدمت الحاجة سميحة الحوراني (أم الشهداء) زوجها و4 من أبنائها شهداء على درب فلسطين. والأبناء الشهداء هم: فريد استشهد في 25-3-1988 ووليد في 18-9-2007 وابراهيم في 30-8-1990 ومحمود في 7-1-1992. كما توفي في وقت لاحق اثنان من أبنائها هما أكرم و صلاح. جدير بالذكر أن الشهيد فريد حوراني كان من طلائع الفدائيين الذي بدأوا الكفاح والعمل السري في المخيم ضد قوات الاحتلال الصهيوني والعملاء والجواسيس، بعد الخروج من معتقل أنصار. وذلك ضمن قوات شهداء عين الحلوةحتماً سنلتقي– لذا ليس من المستبعد أن يكون الذين اغتالوه هو واخوته من الجماعات المرتبطة بالعملاء والجواسيس المرتبطون بدورهم بالصهاينة.

المجد والخلود للحاجة سميحة ولزوجها الشهيد علي الحوراني -أبو محمد- ولأبنائها الشهداء.

أحدث تحديث ونشر في 24-5-2021

 

نضال حمد