الأرشيفوقفة عز

الشهيد أحمد صياح – إعداد موقع الصفصاف

كتب نضال حمد:

عرفته مذ التحقت بالمدرسة الابتدائية في مخيمنا عين الحلوة في مجمع المدارس حيث كانت مدرستي قبية والفالوجة ومدرسة البنات، على المدخل الشمالي للمخيم قرب المستشفى الحكومي. كان خلف المدسة بستان حمضيات ومقابلها أرض خالية كانت تسمى “السور” وكنا نلهو فيها كثيراً. خلف أرض السور كانت مباشرة منطقة البركسات التي خلفتها القوات الانتدابية الاستعمارية الفرنسية.


في مدرسة قبية الابتدائية بالصف الأول ابتدائي لدى المربي الراحل الأستاذ أبو ياسين هناك التقينا وتعارفنا أنا وأحمد وزملاء كثيرين. كنا مجموعة من التلاميذ لا أدري بالضبط كم كان العدد لكنه ربما وصل في بعض الأحيان الى الخمسين تلميذاً. من هؤلاء أذكر أولاً الذين رحلوا عن عالمنا في سنوات وأزمنة مختلفة. ربما الزميل والأخ صبري حسين كان أولهم، ثم ناصر عيسى فمحمود الشامي وطلعت أبو علول وزاهر السعدي… كما هناك الآخرين مثل هيثم الطافش وأحمد فرهود وخالد علاء الدين ومجدي عزام ووليد أبو جاموس أحدثهم على الاطلاق.


التحقنا بالمدرسة في السنة الأولى بسن ست سنوات وربما كان ذلك في العام 1969. فنحن من مواليد سنة 1963. هناك درسنا وكبرنا معاً في المخيم نحن والتلامذة الآخرين. ثم انتقلنا من مدرسة قبية الابتدائية الى مدرسة حطين التكميلية (الجديدة) مقابل جبل الحليب. بعد ذلك توزعنا على مدارس عديدة في صيدا. قسم منا ذهب الى مدرسة الكفاح وقسم الى مدرسة جنة الشرق وقسم الى مدارس أخرى.


لا أعرف هل الشهيد فيما بعد أحمد صياح أتم وأكمل على طريق العلم والدراسة أم اكتفى بمرحلتي قبية وحطين. ثم انتقل الى العمل أو الى صفوف الفصائل الفلسطينية. في ذلك الوقت كلنا كنا في الفصائل التي كانت تنتشر في كل المخيمات وفي مناطق لبنانية كثيرة من الجنوب الى العاصمة والجبل والبقاع والشرق والشمال.


أحمد صياح كان يسكن مع عائلته في منطقة وسط سوق الخضار، بالقرب من منزلي الصديقين والزميلين علي الجمال ومحمود ابراهيم زميلان من صف أبو ياسين. كنت في طفولتي ترددت عدة مرات على منازل الزملاء الثلاثة أحمد ومحمود وعلي. لمراجعة الدروس واللهو معاً كأطفال وصبية.في بداية حزيران – يونيو سنة 1982 حصل غزو لبنان فلم أعد بعد ذلك أعرف أي شيء عن أحمد صياح وزملاء وإخوة كثيرين من المدرسة والصف والمخيم. افترقنا منذ سنوات طويلة حتى أنني لا أتذكر متى كانت آخر مرة التقيت فيها أحمد صياح. ربما كانت قبل غزو لبنان صيف 1982 واحتلاله وإصابتي. ربما قبل ذلك بسنة أو سنتين. بعد إصابتي في مجزرة صبرا وشاتيلا غادرت للعلاج ومضت سنوات طويلة دون اتصالات مع الزملاء من صف أبي ياسين. وعند عودتي من العلاج تواصلت مع بعضهم. ثم انقطعنا من جديد بسبب الأوضاع الأمنية اللبنانية وحالتنا التشردية الفلسطينية.


بعد سفري الى أوروبا واستقراري فيها أصبحت على اتصال وتواصل مع بعضهم مثل: خالد النصر (برلين) وأحمد فارس (بولندا) وخالد داوود (الدنمارك) والراحل وليد أبو جاموس (المغرب) وخليل حميد (الولايات المتحدة الأمريكية) وأحمد عوض (لبنان) ولطفي الخطيب (الدنمارك) ومحمود ابراهيم (السويد) وعبد السلام طافش (لبنان) منذ وقت طويل.كذلك في العشر سنوات الأخيرة تعززت الاتصالات وتمتنت مع أديب الشهابي الصامد كما الآخرين في عين الحلوة وزياد الخطيب (البوسنة – الكويت) وبسام شحادة (برلين) ومفلح طه وعلي الجمال (لبنان) ورائد ابراهيم (المانيا) وابراهيم كايد (الولايات المتحدة الأمريكية) ومبارك غازي (السويد) ونبيه الإمام (روسيا). هؤلاء الأصدقاء عاد التواصل معهم في وقت سابق ومنذ سنوات عديدة. كما أعرف أن آخرين موجودين في بلدان أخرى مثل خير أبو الخير ورائد أبو حمدة والخ.


بعد انشاء مجموعة صف الأستاذ أبو ياسين صارت الاتصالات يومية فقد دخلنا عالم التواصل الافتراضي والاجتماعي مثل فيسبوك وماسنجر وواتس أب والخ. أديب الشهابي وزياد الخطيب هما من أسسا تلك المجموعة التي استقطبت فيما بعد آخرين، منذ البداية كنت أنا واحدا منها. هناك أصبحنا على اتصال وتواصل يومي ولازلنا لغاية يومنا هذا. كما هناك عرفت من يومين فقط أن أحمد صياح قد استشهد قبل سنوات.


علمت فيما بعد أن الصديق أحمد الصياح استشهد في معارك الدفاع عن مخيمنا اثناء حرب المخيمات ومعركة مغدوشة. قبل استشهاده بفترة كان يقضي غالبية الوقت في حي الصفصاف. كما كان ينتمي لمجموعة “شهداء فلسطين” ضمن خلايا العمل الفدائي السريّ ضد الاحتلال (الاسرائيليّ) وعملاءه في عين الحلوة. كان منضوياً ضمن مجموعة لفتح على ملاك شعبة عين الحلوة وكان المسئول عن تلك المجموعة في ذلك الوقت الشهيد فريد حوراني.


يقول الأخ جمال شريدي: أحمد الصياح كان صديقاً لي وأكثر من أخ. كما كان صديقاً للعديد من شباب الصفصاف مثل، الشهيد عامر يوسف والشهيد وليد حوراني وأحمد شريدي (العلماني) والشهيد فريد حوراني. قليل من الناس كانوا يعرفون أنه من بلدة السميرية. كانوا يعتقدون أنه من بلدة الصفصاف لكثرة وجوده في حي الصفصاف. يضيف جمال شريدي أن الشهيد أحمد صياح كان شاباً خلوقاً، مناضلاً، طيب القلب، محبوباً من الجميع. كان مرحباً به دائماً من قبل الجميع لحسن أخلاقه وطيب قلبه.


أرسل لي يوم أمس ابن العم رباح حمد – ابو خليل – من الدنمارك صوراً لأحمد صياح وتبين أنهما كانا صديقين. كما وأعطاني اسم شقيق أحمد الأخ جمال صياح، فأرسلت له رسالة على ماسنجر حول شقيقه أحمد ونيتي الكتابة عنه كنوع من الوفاء لزميل طفولة ومقعد دراسي وحارة ومخيم. جمال بدوره يبدو لم ير الرسالة لغاية الآن.


المجد والخلود والرحمة لأحمد صياح وكل زملاء صف أبو ياسين ولأبي ياسين وكل المعلمين الذين رحلوا. ربما في الحلقة القادمة من سيرة المخيم سوف أكتب عن الأستاذ والمدير المرحوم محمد مفلح أو محمد نوفل كما تريدون.

احمد صياح و ع ورد وزياد البقاعي

نضال حمد في 17-12-2021