الأرشيفثقافة وفن

الفنان ابراهيم مؤمنة يمضي بروحه من الشام إلى ترشيحا

– نضال حمد

فقدت فلسطين وسوريا والعروبة وقوى التحرر والتقدم العربية والعالمية فناناً ثورياً مثالياً عاش مناضلاً ميدانياً من أجل الفقراء والمضطهدين والمستضعفين وتحرير كل فلسطين. عاش وبقي يحلم ويعمل على تحقيق حلمه بالعودة إلى فلسطين الكاملة بعد تحريرها من رجس الاحتلال وتنظيفها وتطهيرها من رجس الرجسين.

رحل أبو ايهم مؤمنة، إبن ترشيحا في الجليل الأعلى الفلسطيني المحتل قبل أن يصطحب أم ايهم وأولادهما الى الوطن المحرر، وقبل أن يجلسوا معاً في بوسطة العودة إلى بلدته الجليلية عبر بوابة الجولان العربي السوري.

مضى الصديق والرفيق الفنان التشكيلي ابراهيم مؤمنة – أبو أيهم، وهو الذي بقي حتى وفاته نائباً لرئيس الاتحاد العام للفنانين التشكيليين الفلسطينيين فرع سورية. وكان من رواد ومبدعي الاتحاد المذكور الذي أنجب عدداً من المبدعين منهم الشهداء ومنهم الأحياء.

الفنان التشكيلي “إبراهيم مؤمنة” كان مثل شجرة جليلية باسقة كانت بأغصانها الوارفة الخضراء تزين مقابر الشهداء. فقد كانت ريشته ترسمهم كل صباح ومساء لكي لا تغيب شمسهم ولكي تبقى وجوههم وبسمتهم مع شعبهم في المخيمات والمعسكرات وفي الشتات.

التزم الفنان المناضل، الفدائي الثوري، ابراهيم مؤمنة بنهج الكفاح والتحرير الكامل. رفض بشدة وبكل قوة نهج الانحراف والاستزلام والسقوط والاستسلام. فبقي نقياً ووفياً لرفاقه الشهداء، لناجي العلي والحلاج وعبد العزيز ابراهيم… ولكل الذين التزموا بكامل التراب من شمال الشمال إلى جنوب الجنوب.

يوم توفي القائد العظيم الزعيم أبو ميساء، دكتور الثورة وحكيم الأمة، صمم ابراهيم بنفسه ملصق نعي للحكيم أصدرته جبهة التحرير الفلسطينية…. ويوم أردت طباعة ثاني كتبي المنشورة بعنوان “في حضرة الجنين”، طلبت من صديقي ابراهيم مؤمنة تزويدي برسوماته ولوحاته لاختيار رسماً أو لوحة لتكون غلاف كتابي المذكور، فعلاً أرسل لي مجموعة من اللوحات واخترت منها اللوحة الموجودة كغلاف للكتاب المذكور … سوف أرفقها مع المقالة هنا.

يوم أمس كنت أبحث عن اللوحة تلك بحجمها الذي أرسله لي ابراهيم قبل ١٠ سنوات، لم أجد رسالته ولم أجد النسخة الأصلية التي  كان أرسلها لي في ذلك الوقت. لكنني خلال البحث في ملفاتي وجدت صورته مع صديقنا ورفيقنا المشترك الراحل الكبير الأديب محمد عادل – أبو عادل.

تصوروا أنني قبل أن أقرأ خبر وفاة ابراهيم بدقائق كنت أقوم بتصوير غلاف الكتاب لوضعه في ملف “بي دي إف”، من أجل نشر المجموعة القصصية إلكترونياً في موقع الصفصاف – وقفة عز. دخلت للحظة على بروفيل ابراهيم بفيسبوك فوجدت خبر وفاته بدلاً من اللوحة التي أردتها.

كأن الصدف لها علاقة بما سيصادفنا في أوقات لاحقة، فصدفة عثوري يوم أمس على صورة فناننا ابراهيم مع فقيدنا أبي عادل، ثم اليوم عثوري على لوحته غلاف كتابي، لم تمر بدون سماع الخبر الحزين والمؤلم ألا وهو وفاة ابراهيم مؤمنة. توفي ابراهيم بعد صراع مع المرض العضال وصمود اسطوري في زمن استباحة سوريا وكل الوطن العربي. فابراهيم بقي وفياً لسوريا حتى وفاته هذا اليوم… لم يغادرها بل صمد فيها في أحلك الظروف. كما أنه لم يغادر معسكر الثورة المستمرة بل ظل وفياً للشهداء ولوصاياهم، وسار على دربهم شاهراً ريشته وقلمه وسيفه ضد العمالة والخيانة كما كان منذ الستينيات شهرهم ضد الاحتلال والأعداء.

هذا التاريخ الرابع من أيلول سبتمبر ٢٠٢٣ سوف يضاف الى تواريخ أخرى حزينة، تخص وفاة واستشهاد وموت واغتيال مثقفي وأدباء وفناني فلسطين وثورتها ونضال شعبها.

سنبقى نتذكر أنه في هذا اليوم الرابع من أيلول 2023 قضى مرض العضال اللعين على فنان الكفاح والنضال في فلسطين، قضى على الفنان التشكيلي الذي قدم حكايتنا وقضيتنا عبر لوحاته ورسوماته.

مع السلامة يا ابراهيم، يا ابن ترشيحا في فلسطين وابن حلب ودمشق في سوريا.

السيرة الذاتية :

الأسم : ابراهيم أحمد مؤمنه

تولد مخيم النيرب بحلب ــ سوريا 1957

درس تعليمه الأولي بحلب وتابع دراسته الجامعية بدمشق كلية الفنون الجميلة قسم النحت حتى العام 1984

عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين

نائب رئيس الاتحاد العام للفنانين التشكيليين الفلسطينيين في سورية .

عضو الجمعية المتحدة لرعاية الآداب والفنون

ثلاث معارض فردية في سوريا .

شارك في كل معارض الفنانين المشتركة داخل سوريا وخارجها منذ عام 1982 وما زال حتى الآن ..

يعمل حاليا في مهندسا للديكور في الدراما التلفزيونية السورية ..

مقل بأعماله النحتية بسبب ضيق المكان كما يقول , والنحت يحتاج لفضاء واسع . اعتمد التصوير الزيتي والمائي والأكريليك في انتاج أعماله الفنية .

نضال حمد

٤-٩-٢٠٢٣

موقع الصفصاف – وقفة عز