الأرشيفوقفة عز

الفنان الفلسطيني الراحل محمود سعيد .. من يافا ودار الأيتام بدأ المشوار

ولد في يافا في 15-12-1941 وتوفي في 30-12-2014 عن عمر ناهز 74 عاماً بعد عناء مع المرض، ليدفن في مقبرة شهداء الثورة الفلسطينية قرب مخيم شاتيلا في بيروت. تلك المقبرة التي تحتضن أضرحة وقبور شهداء فلسطين وعدد كبير من الرموز الإعلامية والسياسية والعسكرية الفلسطينية.
لجأت عائلته الى لبنان وهو في سن السابعة على إثر نكبة فلسطين سنة 1948 واحتلالها من قبل العصابات اليهودية الصهيونية الارهابية الغازية. نشأ وكبر في بيروت حيث كانت أمه لبنانية الجنسية بينما والده فلسطيني. توفي والده واعتقل شقيقه فوضعته أمه في دار الأيتام الإسلامية في بيروت. في الدار تلك وبالصدفة اكتشف رئيس قسم المذيعين في “الإذاعة اللبنانية” شفيق جدايل موهبة الطفل محمود سعيد، خلال تردده إلى دار الأيتام لتنظيم مسرحيات آخر العام،. أعجب به وبخامة صوته فأسند إليه أدوار بطولة في عدد من المسرحيات. ثم فتحت أمامه طريق التمثيل ليصبح فيما بعد أحد ألمع نجوم التلفزيون والسينما في لبنان والوطن العربي.
شارك في تمثيل عشرات الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية وفي بعض الأفلام الوطنية. ولعب دور خالد بن الوليد في فليم ” الرسالة – محمد رسول الله” للمخرج السوري الكبير مصطفى العقاد. وكان العقاد إلتقى بمحمود سعيد وبعد اللقاء قال له ” إخترناك لتجسد دور خالد بن الوليد في الفيلم”.

من أشهر المسلسلات التي مثل فيها محمود سعيد مسلسل بدوي بعنوان “فارس ونجود” سنة 1974، تقاسم فيه دور البطولة مع سمراء الشاشة العربية المطربة سميرة توفيق. حقق المسلسل شهرة واسعة في لبنان والدول العربية وبين الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم. ومن المسلسلات الشهيرة التي شارك فيها محمود سعيد مسلسل ” وتعود القدس” كذلك “صقر العرب” و”التائه” وعشرات أخرى من المسلسلات والأفلام.
فيلم – فداك يا فلسطين – 1970 اخراج وقصة وسيناريو وحوار اللبناني انطوان ريمي وموسيقى منصور الرحباني، كان فيلماً وطنياً يجسد معاناة شعب فلسطين وبطولة الفدائيين الفلسطينيين. حيث روى حكاية الكفاح والفدائيين والثورة. والفيلم من ﺗﺄﻟﻴﻒ مروان العبد وقصة وسيناريو وحوار المخرج انطوان ريمي وطاقم العمل: يوسف فخري، أحمد خليفة، جميل عواد، محمود مسعد، محمود سعيد وسناء جميل. ولاقى رواجاً واسعاً بين الشباب العربي من المحيط الى الخليج في ذلك الزمن.

في حديث مع خليل العلي للعربي الجديد قالت زوجته الأخيرة زهرة محمد: “في سنواته الأخيرة لم يشارك في أعمال فنيّة، لأن الأدوار التي كانت تعرض عليه دون المستوى وكان يرفضها لأنها كانت ستهبط من مستواه التاريخي، ورغم أنه لم يكن يعمل فقد تلقى عرضاً من إحدى الشركات لتصوير إعلان مشروبات روحية مقابل 500 ألف دولار إلا أنه لم يوافق ورفض كلياً الفكرة… وختمت السيدة زهرة محمد بقولها أن لها عتباً كبيراًعلى الاتحاد العام للفنانين الفلسطينيين لعدم اهتمامه بالراحل في حياته وحتى على مؤتمر الفنانين لم تتم دعوته. ولفتت إلى أن أكثر الأصدقاء الأوفياء له والذين كان يتواصل معهم بشكل شبه يومي هم مروان العبد وعبدالمجيد مجذوب وسمير شمص والمخرج محمود خزعل.”.
في أيلول سبتمبر سنة ٢٠١٩ دعيت إلى مهرجان أيام فلسطين الثقافية في المسرح الوطني اللبناني في صور بإدارة الفنان الصديق قاسم استنبولي. قمت هناك بالحديث عن تجربتي ووقعت مجموعة من كتبي، كانت من بين الحضور أرملة الفنان محمود سعيد، يومها تعرفت عليها… وأثناء الحديث تذكرنا زوجها الراحل كرمز فني وثقافي فلسطيني كبير رحمه الله. فقد كان حلمه كما علمت زيارة يافا وكل فلسطين لكنه لم يزرها أبداً ورفض الذهاب وقال: “لن أذهب طالما هناك جندي صهيوني يحتل وطني”.
لي ذكرى أحبها وهي من فترة طفولتي في مخيم عين الحلوة حيث ذات يوم جاء محمود سعيد الى حارتنا برفقة أحد أصدقاءه من أبناء الجيران. يومها رأيته لأول مرة في حياتي خارج إطار الشاشة التلفزيونية.. عندما علم أولاد الحارة بوجوده في البيت المذكور (لم أعد أذكر بيت من بالضبط ربما كان ضيفاً على دار المرحوم أبو شحادة الشايب). هرعوا الى جوار المنزل لمشاهدة فارس الشاشة في ذلك الوقت.
رحم الله الفنان محمود سعيد ستبقى ذكراه كما أعماله الفنية خالدة مع شعبنا وحكايتنا ونضالنا.

نضال حمد
3-3-2023