وقفة عز

الله اكبر = بطاقة حمراء

 لاعب بوسني يطرد من الملعب في صربيا لأنه قال الله اكبر

 نضال حمد

 قصة اللاعب البوسني المسلم علي حاجيتش (18 عاما) قصة غريبة وعجيبة فعلاً، قصة تؤكد عدم وجود تسامح ديني في صربيا وفي ملاعبها الكروية. فاللاعب البوسني المسلم علي حاجيتش يلعب ضمن فريق “بدرينا” لكرة القدم وهو فريق كروي محلي. واثناء مباراة محلية نجح حاجيتش في تسجيل هدف لفريقه بمرمى الخصم، فلم يتمالك نفسه حين سجل الهدف وأحس بحسب قوله أنه يكاد يطير من الفرح، فركع  على الأرض ساجداً ورفع يداه عاليا وشكر الله على ذلك مستعملا عبارة الله اكبر. فما كان من حكم المباراة الصربي(مندوب اتحاد كرة القدم الصربي) إلا أن رفع بوجهه بطاقة حمراء معلناً طرده من الملعب. بعد ذلك ساد هرج ومرج في الملعب، ثم توقفت المباراة مما اضطر رفاق اللاعب علي حاجيتش من البوسنيين المسلمين إلى مواكبته وحمايته أثناء خروجه من الملعب، كما تم إلغاء نتيجة المباراة. وقد ذكرت مجلة (داني) الأسبوعية البوسنية ان الاتحاد الصربي لكرة القدم أصدر بيانا أعلن فيه معاقبة حاجيتش ومنعه من اللعب لمدة سنتين قابلة للتمديد. وذهب البيان ابعد من ذلك حين اتهم اللاعب بالانتماء لتنظيم القاعدة. فهل كلمات مثل الله اكبر والحمد لله وبسم الله أصبحت مفردات إرهابية ممنوع على المسلم التفوه بها؟؟؟؟ وإذا حصل وقالها يصبح إرهابياً أو من تنظيم القاعدة ..

الغريب فعلا في قضية حاجيتش هو الاستعلاء الصربي العنصري الرسمي إذ أن مثل هذا القرار لم يؤخذ في صربيا أو غيرها من الدول ضد اللاعبين الذين يقومون برسم إشارة الصليب على صدورهم عندما يسجلون الأهداف في مرمى الخصم. وهنا لا نفرق بين اللاعبين ولا نسال عن ديانتهم أو جنسيتهم أو لون بشرتهم، فالرياضة مثل الحب تجمع الجميع وتوحد كافة الأجناس والملل والألوان. أما العادة الدينية التي أصبحنا نشاهدها في الملاعب الكبيرة والصغيرة، فهي كذلك ليست من بنات أفكار ولا من نتاج المسلمين فهؤلاء لازالوا متأخرين عن ركب الكرة العالمي مثلما الحال في أوروبا وأمريكا اللاتينية.

أما عادة التصليب والتثليث على الرأس والصدر عرفانا و شكر للرب، فهي عادة وتقاليد دينية مسيحية تعني الشكر للأب والابن والروح القدس. كما لم يجلبها إلى الملاعب اللاعبون من المسلمين بل العكس هو الصحيح، فهي من ابتكارات اللاعبين من المسيحيين. ولم نسمع في وقت سابق ولا لاحق عن قيام أي حكم في أي بلد آخر بطرد أي لاعب لمجرد قيامه بتلك الحركة. أما استعمال عبارة الله اكبر مع رفع اليدين عالياً تعتبر بمثابة شكر لله على مساعدته الشخص في تحقيق ما أراد. ولا يمكن لأي كان أن يمنع أيا كان من ممارسة تلك الشعائر واستعمال تلك العبارات أو الإشارات.

 لذا مطلوب من الاتحاد الصربي إعادة النظر فيما صدر عنه من تصريحات وبيانات بشان اللاعب حاجيتش، مطلوب ايضاً رفع العقوبة عنه، وكذلك مطلوب من الاتحاد الأوروبي والدولي درس تلك القضية والخروج بقرار عادل يعيد الاعتبار لعلي حاجيتش، أو أن يقوم الاتحاد الدولي بمنع كافة الإشارات والعبارات الدينية في كافة الملاعب وعلى كافة اللاعبين من المسلمين والمسيحيين وكافة الأديان.

 إن الذي حدث لعلي حاجيتش في الملعب وفي الاتحاد الكروي، يجعل الدوري الصربي لكرة القدم مثل الدورة الحالية لمجلس النواب الصربي حيث في الأول بدلاً من التسامح الرياضي والأخلاق الرياضية تنتشر الكراهية وتعم الملاعب نزعة العنصرية. وفي الثاني لا يتم العمل على تعزيز الحياة الديمقراطية ومحو آثار المرحلة السابقة ،مرحلة المد العنصري الصربي التي طالت البوسنيين والألبان الكوسوفيين وكذلك الكروات من المسلمين والكاثوليك. والجدير بالذكر أنه من هؤلاء بالإضافة للسلوفانيين والصرب تكون الاتحاد اليوغسلافي السابق بزعامة الجنرال القوي ” تيتو”، ثم برئاسة “ميلوشيفيتش” آخر زعيم يوغسلافي.

لقد تفككت يوغسلافيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، مثلها في ذلك مثل تشيكوسلوفاكيا وجمهوريات السوفيت العديدة. لكنها كانت الوحيدة من بين الدول الاشتراكية في أوروبا التي انفصلت وتفككت بعد مذابح وحروب وحشية، خطط لها وأرادها الصرب. ومنذ تلك الفترة تعززت نزعة العداء والعنصرية والهمجية التي تسببت بويلات لجميع شعوب ما كان يعرف بيوغسلافيا السابقة وبشكل أساسي للمسلمين منهم. لذا نقول انه كان ومازال واجباً على برلمان صربيا تقديم الاعتذار للضحايا البوسنيين وغيرهم عن المجازر الهمجية التي نفذتها جماعات صربية مدعومة من الحكومة المركزية.

يجب تعزيز نهج التسامح ودعم رافعة العلاقات بين صربيا وشعوب الجوار، لا تعزيز الكراهية بسياسة فاشلة مثل سياسة اتحاد كرة القدم الصربي الذي عاقب واتهم علي حاجيتش لمجرد شكره الله.

في الختام من الضروري أن يقوم البرلمان الصربي بتفسير قرار الاتحاد الصربي لكرة القدم الذي منع لاعب بوسني مسلم من اللعب في الدوري المحلي لمدة سنتين لأنه صرخ الله اكبر عند تسجيله هدف في مرمى فريق الخصم؟؟..

 

 20-09-2005