وقفة عز

خطة الطرق الأمريكية تعج بالإشارات (الإسرائيلية)

نضال حمد

خطة الطرق الأمريكية لا تصلح لتعبيد الطرق في الأراضي الفلسطينية لأنها تعج بالإشارات (الإسرائيلية) ولا يوجد فيها ما يرقى لحجم التضحيات الفلسطينية الباهظة، ولا حتى لطموحات أصحاب البرنامج المرحلي ضمن صفوف الشعب الفلسطيني. هذا عداك عن حقوقه الوطنية الكاملة والمشروعة وبعيدا عن تنظيرات وخطط مهندسي أوسلو من الجهة الفلسطينية.

هذه الخطة الخريطة صهيونية بثياب أمريكية ولا يوجد في بنودها ما يؤكد حسن النية الأمريكية، باستثناء الحديث وهو غير ملزم لأحد عن دولة مؤقتة تشبه الوهم والسراب. هذا إذ لم تكن بالحقيقة دولة مسخ، كل ما فيها سيكون ويلات واستصغار وعذاب، ووكلاء للاحتلال.

الحديث الأمريكي يحمل لشعبنا مستجدات حديثة ومستحدثة من صناعات الإرهاب التي تتميز بها أمريكا وتعيش بفضلها (إسرائيل) حليفها الأول والاستراتيجي. وأحد أهم ركائز الاستعمار والهيمنة الأمريكية على المنطقة العربية بناسها وثرواتها وعاداتها ودنياها ودينها.

حضر بيرينز مساعد وزير خارجية أمريكا إلى شرق المتوسط حاملا الخطة ليعرضها على المعنيين بها من أهل المنطقة. وأشترط قبل مجيئه على الفلسطينيين ما يريد ومن يريد من الوزراء للقائهم في أريحا. وأكد على رفضه لقاء الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات المحاصر بالدبابات والدمار والخراب في مقره المتداعي برام الله المحتلة. مؤكدا بذلك موقف إدارة بلاده التي  لم تعد تعترف بشرعية الرئيس الفلسطيني ودوره السلمي مهما بدر عنه من مواقف معتدلة.

تم اللقاء في أريحا التي كانت أول مدن الضفة الفلسطينية المحتلة المعادة لما يسمى السيادة الفلسطينية بفعل سلام أوسلو. ومعروف أن اتفاقية أوسلو عُرفت بداية باتفاقية غزة وأريحا أولا.

في أريحا التقى المبعوث الأمريكي بالوفد الفلسطيني الرفيع المستوى من حيث كثرة الأعضاء وأهمية أحجامهم في جسم السلطة. فباستثناء رئيسها ياسر عرفات، الذي رفض بيرينز اللقاء به …حضر من أهم رؤوس السلطة السيد محمود عباس – أبو مازن – المقبول أمريكيا و(إسرائيليا) لأسباب لا نجهلها ولا يجهلها إلا جاهل بالشرق العربي. أبو مازن هو رجل الظل وعراب الصفقات الخطيرة والحساسة التي تترك دائما أثرها على القضية الوطنية والشعب الفلسطيني.

غريب أمر الفلسطينيين من أهل السلطة… يأتي مساعد وزير أمريكي بخطة سلام مفترضة وقبل أن يصل إلى المنطقة، وبعد وصوله للمنطقة يعلن جهرا، ليلا وصبحا وظهرا وعصرا، ومرارا يكرر الإعلان تكرارا مملا، يؤكد عبره عدم رغبته كما ادارته بلقاء الرئيس عرفات. لأنهم يعتبرونه قد انتهى وأنهى مهمته وأن المرحلة تجاوزته، ويجب عليه الخيار بين الانسحاب أو الجلوس على الرف. غير ابهين بمكانته عند شعبه وأمته وفي وطنه، متناسين أنه جاء كرئيس للسلطة بانتخابات أشرفت عليها أمريكا نفسها ومراقبين من الاتحاد الأوروبي و(إسرائيل) ودول ومنظمات أخرى.

على الرغم من الموقف الأمريكي المتعالي والمهين والمعيب الا أن الوفد الفلسطيني ذهب والتقى مع بيرينز بشروط الأخير التي أعلنها قبل اللقاء، والتي تحددت في البيت الأبيض.

وأكتفى نبيل شعت بالتعليق على اللقاء بالكلمات التالية: (الوفد شكله الرئيس عرفات وهو يمثل مواقف الرئيس وسوف يخرج من هنا مباشرة إلى مقر الرئيس)… ربما يكون هذا صحيح لكن أليس هذا اللقاء يأتي  ليصب في مصلحة الشروط الأمريكية؟…

وخطة الطرق التي تحتاج لمزيد من الزفت (الإسرائيلي) حتى يتم قبولها من قبل حكام تل أبيب… وهؤلاء أكدوا مرارا على رفضهم للخطة كما هي وعدم قبولهم بالدولة الفلسطينية، وأنهم لن يعترفوا بها. وأكد شارون رفضه الالتزام بدولة فلسطينية سنة 2005 ونستطيع أن نقول بأن شارون وحزبه وحكومته لن يقبلوا بدولة فلسطينية حتى ولو سنة 2050… لأنهم لا يريدون للشعب الفلسطيني التحرر والاستقلال. و (للإسرائيليين) تحمل المسئولية الأخلاقية والسياسية وتبعات احتلالهم لفلسطين.

هم في كيان (إسرائيل) يريدون حفظ أمنهم فقط مع بقاء جنودهم في المناطق المحتلة. يقتلون ويدمرون ويمنعون حتى العصافير من زقزقة الصباح، والأطفال الصغار من النوم على الأسرة في غرف نومهم الهادئة. كما أنهم يريدون لخطة الطرق الأمريكية أن تمنحهم المزيد من الطرق الالتفافية المؤدية إلى المستوطنات الاحتلالية التهويدية الاستيطانية، المقامة على أراضي الفلسطينيين المصادرة والمسلوبة بفعل الاحتلال وسياسة الاستيطان العنصرية التوسعية اللصوصية.

أما السلطة الفلسطينية فكما عودتنا منذ ولادتها بقيت بلا موقف من الخطة مع أن المثل العربي يقول ” المكتوب يقرأ من عنوانه“.

هذه الخطة نستطيع اختصارها بالتالي :

 وقف الانتفاضة والمقاومة من العمليات الاستشهادية حتى رمي الحجارة…

 كذلك وقف التظاهرات السلمية والاحتجاجات الشعبية على الاحتلال وسياساته وجرائمه واستمرار وجوده المرفوض في بلادنا…

 إنشاء سلطة فلسطينية على غرار سلطة كرزاي في أفغانستان ما بعد طالبان والقاعدة وفي المقابل تجمد (إسرائيل) أعمال الاستيطان وتنسحب من المناطق” ألف” بحلول منتصف 2003. ثم حتى منتصف 2004 عقد مؤتمر دولي و أجراء مفاوضات حول أقامه دولة فلسطينية وتفكيك المستوطنات (الإسرائيلية)…

في 2005 – 2006 تبدأ مفاوضات حول الحل الدائم بمشاركة دول عربية ( مصر والأردن بالأساس)، تطرح فيها مسألتي القدس واللاجئين.

ركزوا هنا معنا أيها القراء على الجملة التالية: ” تطرح  فيها مسألتي القدس واللاجئين”… وقبلها الجملة غير المفيدة التالية: ” أجراء مفاوضات حول أقامه دولة فلسطينية”… هذا جزء من العورات الكثيرة التي تحفل بها خطة الطرق (الإسرائيلية) وليس الأمريكية.

لو أن الإدارة الأمريكية فعلا تريد السلام للجميع في المنطقة كان بمقدورها تبني خطة الأمير عبد الله ( بكل علاتها) التي تبنتها القمة العربية الأخيرة التي عقدت في بيروت ربيع العام الحالي. لكن الحقيقة المكشوفة والمعروفة أن أمريكا غير معنية بسلام يعطي العرب حقهم و يعيد للفلسطينيين حقوقهم.

(إسرائيل) في هذه الأيام لا يوجد لديها أي استعداد حتى للحديث عن السلام لأنها تشعر بعظمتها وقوتها من خلال الدعم الأمريكي غير المحدود، ومن خلال الضعف العربي غير المحسود، والشلل الرسمي الفلسطيني الموجود مع حصار عرفات وتخلي البعض عنه. وكذلك منذ تمت عملية تغييب منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها لتحل مكانها مؤسسات السلطة الفلسطينية الموبوءة بالفساد، وسلطة القائد العام والرئيس الوحيد..

 

 

خطة الطرق الأمريكية تعج بالإشارات (الإسرائيلية)

نضال حمد

– 2002 / 10 / 26 –