وقفة عز

دفاعا عن الحقيقة وتفعيلاً للعقل

نضال حمد

  Thursday 02-02 -2006

منذ ان نشرت يومية جيلاند بوستن الدنماركية في سبتمبر من العام الماضي رسومات كاريكاتورية تسخر من الرسول محمد (صلعم) حاولت الجالية الإسلامية ومعها السفارات العربية والإسلامية في الدنمارك تجاوز الأمر بالطريقة الأفضل وعبر القنوات الحكومية والدبلوماسية. لكن الموقف المتعنت لرئيس وزراء الدنمارك الذي يرأس حزبه المعادي للأجانب والذي لا يكن الود للمسلمين، الحكومة الحالية في بلاد لأبقار الضاحكة، قد يكون السبب في بكاء أصحاب تلك الأبقار. فرفض رئيس الوزراء الدنماركي استقبال وفد السفراء العرب والإسلاميين في الدنمارك بحجة عدم تدخل الدولة في حرية التعبير والرأي كان سببا هاما من أسباب تطور الأزمة نحو الأخطر. بالرغم من قيام الجريدة يوم أمس بتقديم ونشر اعتذار رسمي للمسلمين.

بعد ذلك أعادت مجلة مسيحية عنصرية متصهينة نرويجية تقريبا لا يسمع بها أحد في النرويج نشر تلك الرسوم في توقيت مدروس ودقيق إذ جاء النشر في أول أيام عيد الأضحى المبارك. دخل ذلك النشر في باب حرية التعبير التي يتغنى بها الإعلام في أوروبا. مع العلم أن المجلة النرويجية المذكورة تتبع جماعة مسيحية متطرفة تؤيد (إسرائيل) بشكل مطلق وتعادي العرب والمسلمين. لقد قام باستنكار وإدانة إعادة نشر الرسوم قسم كبير من السياسيين والمثقفين ورجال الدين في النرويج. منهم رئيس الوزراء الأسبق القس بوندفيك، ومجلس الكنائس النرويجية، ورئيس قسم اللاهوت في جامعة أوسلو وآخرين. ولكن هناك أيضا من دافع عن المجلة بحجة حرية الرأي والتعبير التي يسمح بها القانون في النرويج وأوروبا. أما الحكومة فتداركا منها للأمر عممت رسالة صادرة عن وزارة الخارجية النرويجية على سفاراتها اعتذرت بموجبها عن نشر الرسوم في صحيفة محلية. وقد أرسلت أيضا الحكومة مندوبين عنها الى الدول العربية والمرجعيات الدينية الإسلامية قاموا بتقديم الاعتذار وشجب عملية النشر. بهذه الطريقة العقلانية والذكية تجاوزت النرويج المشكلة.

الأول من شباط  – فبراير 2006 قامت مجلة فرنسية عالقة في الديون وتقريبا مفلسة بنشر نفس الرسوم بالرغم من معرفتها المسبقة بما قد يترتب على ذلك من عواقب وخيمة، على الجريدة ومن يعمل فيها وعلى المجتمع الفرنسي. وكتبت الصحيفة في تعليقها أنها لن تقوم أبدا بالاعتذار مما يعني أنها اختارت الحرب مع العالم الإسلامي بإرادتها، وأنها تقفل أي باب للعودة. وبهذا تكون جنت على نفسها براقش، ولن تجد “فرانس سوار” من يذرف الدموع لأجلها، لأنها اختارت عن تصميم وفي توقيت مدروس جيدا وبعناية تامة إعادة نشر الرسوم. والمجلة تعلم أن الرسوم تسببت بالإشكال الخطير الحاصل، وأدت لاندلاع الحملة العالمية ضد من نشرها. وتعلم أيضا ان العالم كله دخل بسببها في آتون حرب أعصاب إعلامية ومعارك مقاطعة اقتصادية ولغط شديد شمل العالم أجمع.

إذا ما نظرنا ليومية (جيلاند بوستن) الدنماركية فنجد أنها تصرفت عن جهل ولم يكن في نيتها الإساءة للإسلام وللمسلمين وقد جاء تصرفها في حينه من باب حرية التعبير. لذا فهو ينطوي تحت بند الجهل بالإسلام. لكن ما أقدمت عليه كل من مجلة ( ماغازينت) في النرويج و(فرانس سوار) في فرنسا يعتبر عملا عدوانيا وعنصريا وعنجهيا يجب مواجهته بالطرق السلمية والدبلوماسية فقط لا غير. لأن أي تهديد بشن أعمال ضد مصالح تلك الدول يعتبر عملا مرفوضا وغير مقبول ويضر بالإسلام خاصة أن الإسلام موضوعُ الآن كدين على المحك، ومستهدف من قبل أمريكا و(إسرائيل) والعنصريون في أوروبا والعالم كما جرت العادة منذ أحداث 11 أيلول.

يتم تصويره كراعي للإرهابيين ومدرسة لتخريجهم في العالم. وهذا ما يعزز من اعتقادنا بأن الموضوع كله يدور حول هذه النقطة. لكن من خلال استفزاز مشاعر المسلمين وإهانتهم برسومات كاريكاتورية وتصريحات عنصرية سبق أن أطلقها بعض القادة السياسيون والعسكريون في أوروبا وأمريكا وكيان الصهاينة.

الشيء الآخر المؤسف في القضية أن التهديدات الغبية والتصرفات غير المسئولة لبعض المسلحين الفلسطينيين الذين أحرقوا أعلام النرويج والدنمارك، وقاموا بتهديد الإسكندناف العاملين في إعادة أعمار وبناء ما دمره الاحتلال، والذين يقدمون خدمات كبيرة وجليلة للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. كما يقدمون أرواحهم ويعرضون حياتهم للخطر من اجل فلسطين. الاعتداء عليهم يعتبر عملا أرعنا وطائشا يجب أن تقف ضده كل القوى والفصائل والمؤسسات والشخصيات الفلسطينية في فلسطين وخارجها بشكل علني وحازم. فقد أضر هؤلاء الجهلة بالقضية الفلسطينية وبالمصالح العليا لشعب فلسطين. وقدموا لأنصار وأصدقاء الاحتلال (الإسرائيلي) في أوروبا واسكندنافيا هدية مجانية استقبلتها أبواقهم الإعلامية خير استقبال.

إن إعادة نشر الرسوم تعتبر بكل المقاييس عملا وقحا وشنيعا فيه تعدي على المسلمين ومقدساتهم مع سبق الإصرار، وأن ذلك ما كان ليتم لولا القوانين الأوروبية التي لا تمنع ذلك ولا تحدده. لذلك يتوجب على أوروبا أن تقوم بعمل ما وأن تتخذ إجراءات لتعديل القوانين أو تبديلها أو وضع استثناءات تمنع بموجبها التعرض لشخصيات روحية بقيمة النبي محمد ( صلعم). خاصة بعدما ثبت أنها قد تتسبب في تعجيل قيام صراع الأديان والحضارات. وبالذات في هذه الأيام حيث لا يوجد قوة أو قانون يضمنان أن لا تقوم عشرات الصحف والمجلات الأوروبية العنصرية او الرخيصة والمفلسة بإعادة نشر تلك الرسوم، متحدية بذلك لغة العقل والسلام والأمن والتعايش بين الأمم وأتباع الأديان.

على أوروبا أن تعجل في تدارك الموضوع وعمل أي شيء من أجل ضمان عدم استفزاز وإهانة المسلمين في أقدس مقدساتهم. ومن يستثني ولو باتفاق غير مكتوب الحديث عن موضوع المحرقة والهولوكوست يمكنه بكل بساطة استثناء النبي محمد وغيره من الأنبياء من تلك الأعمال الصحافية السيئة والمسيئة.

نُذَكِر كذلك بأن حرية الرأي شيء وارتكاب حماقة كبرى بحجة حرية الرأي شيء آخر. وإذا كانت الحرية تسمح لنا القيام بكل شيء فهناك حدود أخلاقية وإنسانية ومقدسات لنا وللآخرين تمنعنا تلقائيا من القيام بذلك. ومن استخدام تلك الحرية في أمور تضر الإنسانية والبشرية وتغذي صراع بين أديان وحضارات وجماعات وشعوب وأمم، مما قد ينتج عنها حربا عالمية ربما تؤدي لإبادة البشرية.

وللعرب والمسلمين الذين يهددون بالمقاطعة للنرويج والدنمارك نقول لهم ماذا فعلتم عندما أهان جورج بوش وأركان البيت الأبيض والقادة العسكريون الأمريكان ومنهم الجنرال جيري فيروال الذي اتهم في برنامج تلفزيوني أمريكي شهير النبي محمد صلعم بالإرهابي؟؟؟

أخبار نرويجية مترجمة من شباط – فبراير 01-02-2006

مرفقات مترجمة من الصحافة

ذكرت محطة الراديو المعروفة باسم ( بي أربعة) P4

هناك حملة في الدنمارك والنرويج تتردد عبر الرسائل الالكترونية وتطالب الاسكندناف بمقاطعة المحلات التجارية الإسلامية، وسائقي سيارات الأجرة – التاكسي – الذين هم من أصول إسلامية. وقالت المحطة إن مصدر الرسالة من الدنمارك. وطالبت الرسالة من مستقبليها أن يعمموها ويوزعونها على معارفهم كي يقوموا بدورهم بمقاطعة المسلمين ومحلاتهم في اسكندنافيا كحملة مضادة للمقاطعة الإسلامية للدنمارك والنرويج.

2

ذكرت يومية افتن بوستين النرويجية واسعة الانتشار في تقرير لها ان الكاريكاتوريات التي نشرتها صحيفة جيلاند بوستين الدنماركية والتي تسببت في مقاطعة البضائع الدنماركية. تسببت أيضاً في فقدان آلاف العمال لوظائفهم . وقال أحد المستثمرين الدنماركيين من منطقة شمال جيلاند أنه قد يفقد عمله نتيجة ذلك، فمصنع الأجبان الذي عمل فيه توقف تقريبا عن العمل وأن 130 من العمال فقدوا وظائفهم وأن الإنتاج في المصنع تقلص إلى 25%.

3

ذكرت مجلة كريستيلي داغبلاد المسيحية الدنماركية أن الباحث والخبير النرويجي المختص بالشئون الدينية المسيحية والإسلامية ورئيس قسم الدراسات اللاهوتية في جامعة أوسلو أودبيرن لايرفيك، أبدى تخوفه من أن المشكلة التي اندلعت بسبب الرسومات الكاريكاتورية ( عن الرسول محمد – صلعم-) سوف تتسبب في خراب العلاقة بين المسيحيين والمسلمين. وقال إن جريدتا جيلاند بوستن الدنماركية وماغازيننت النرويجية بدتا وكأنهما وضعتا نفسيهما في حرب بين الديانات.

4

نشرت صحيفة داغبلاديت النرويجية اليومية تقريرا عن تهديدات بعمليات انتحارية قد تشهدها الدنمارك ومنها إعلان لانتحاري محتمل يقول سأقوم بتفجير نفسي قريبا في الدنمارك كما فعل أخواني في إنكلترا. وحصلت الجريدة على ذلك من صفحات ويب الكترونية، بحسب الباحث ( بيتير نيسير)، الذي قال: ذلك يشبه ما يقوم به مؤيدي تنظيم القاعدة على الشبكة الالكترونية. أما زميلته في العمل ( ليلى بخاري ) قالت أن الكثيرين في الشرق الأوسط يعتبرون الغرب بوجهين.

دفاعا عن الحقيقة وتفعيلا ً للعقل

نضال حمد

  Thursday 02-02 -2006

Relatert bilde