الأرشيفوقفة عز

رئيسة الجالية اليهودية في النرويج تهاجم ليبرمان والاستيطان

نضال حمد

أغضبت آن سندر المتطرفين اليهود النرويجيين عندما أطلقت تصريحات قبل أيام قليلة هاجمت فيها المتطرفين اليهود المتمثلين بحركة “حبد ” الذين يستمرون في استيطان الأراضي الفلسطينية وبناء المستعمرات هناك. كما وهاجمت سياسة وزير الخارجية الصهيوني أفغيدور ليبرمان. 

جدير بالذكر أن هناك بعض اليهود وأصدقاء للكيان الصهيوني عبروا علانية عن عدم رضاهم عن سياسة ليبرمان، لأنها ببساطة تضر بالمشروع الصهيوني، وتكشف قناع الزيف الذي يستر عورة هذا الكيان الدموي، الفاشي، العنصري، الاستعماري، الاستيطاني و الاستئصالي، الذي قام ويقوم على حساب سكان الأرض الأصليين.

سياسة ومنطق وحديث ليبرمان المستوطن الذي جاء الى فلسطين المحتلة من جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقاً، بعيدة عن أي منطق عقلاني وواقعي يتباهى به الغرب المؤيد للكيان الصهيوني. وهذا بحد ذاته يشكل عامل ازعاج وقلق لأصدقاء الصهاينة في الغرب عموماً. لكنه بنفس الوقت يعتبر مفيداً جداً للقضية الفلسطينية ولحلفاء الشعب الفلسطيني في الغرب، وفي معركتهم لكسب الرأي العام الغربي. إذ يكفي أن يطالع المواطن الأوروبي تصريحات ليبرمان ونتنياهو والعاملين معهم ليعرف مدى فاشية وعنصرية واستعلاء هؤلاء العنصريين القتلة.

كانت سندر أكدت خلال لقاء مع إحدى الإذاعات النرويجية أن العلاقات مع المسلمين خطيرة وفي غاية الحساسية، لأن الطرفين يعتقدون أنفسهم على حق. وأضافت كما في الجانب الفلسطيني متطرفين فإن في الجانب (الإسرائيلي) متطرفين، وهناك قطب يتبع أفيغدور ليبرمان ونحن لا نحب ذلك”.

اعتبرت الأوساط اليمينية تلك التصريحات تشكل خطرا على الجالية اليهودية وأنها تعتبر تحريض ذاتي. وتخشى الأوساط اليمينية من استغلال هذه التصريحات لزيادة الهجمة التي يتعرض لها اليهود في النرويج، حيث تم تهديد السفيرة (الإسرائيلية) في الآونة الأخيرة، وكذلك إطلاق النار بإتجاه أحد الكنس اليهودية، علما أن قرابة 1100 يهودي يعيشون في النرويج مقابل 70 ألف مسلم.

صحيح أن سندر ربطت التطرف اليهودي بالتطرف الاسلامي، لكنها المرة الأولى التي تخرج فيها شخصية يهودية نرويجية لتتحدث بهذه الصراحة والوضوح عن خطر وجود ليبرمان والقائمين على النهج الاستطياني في قيادة الاحتلال الصهيوني. فحكومة رئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتنياهو تؤكد كل يوم أنها مازالت ملتزمة بمواصلة الاستيطان في القدس وفي كل مكان على غرار السنوات الـ 42 الماضية… ولم تحترم حتى مشاعر ضيفها وحليفها الأمريكي بايدن، نائب اوباما، فمرغت أنفه بالوحل حين أعلنت خلال زيارته للمنطقة نيتها بناء آلاف المساكن في القدس الشرقية.

في نفس الوقت تواصل وسائل الاعلام فضح الممارسات الصهيونية بحق الفلسطينيين وأطفالهم وشبانهم في شوارع القدس والضفة الغربية.

 قد تكون تصريحات سندر جاءت أيضاً لتخفيف النقمة النرويجية الشعبية على الكيان الغاصب. ولتوجيه رسالة يهودية نرويجية الى حكومة نتنياهو مفادها أن يهود النرويج لا يجب أن يسددوا فواتير سياستكم العنصرية والاستئصالية. فتزايد حدة المعارضة الشعبية النرويجية للكيان الصهيوني ربما تضر بالمصالح اليهودية في النرويج. وقد تتسبب في تغيير جذري بالنظرة للدولة ” اليهودية ” كدولة لضحايا النازية، والنظر اليهم كمجرمين يسفكون دماء الابرياء في فلسطين ولا يلتزمون بالقوانين الدولية ولا يحترمونها. ولا يبدون اي تجاوب حقيقي مع مشروع السلام في المنطقة.

ولعل تقرير غولدستون ساعد في إعادة تقييم موقف بعض اليهود الغربيين من ممارسات الاحتلال الصهيوني.

 تصريحات سندر جاءت في ظل تواصل الحملة التضامنية مع الشعب الفلسطيني في النرويج، والتي تأخذ يوما بعد يوم أبعاداً جديدة ، فهناك حسب بعض الاستطلاعات المحلية 75% من النرويجيين يتعاطفون مع الشعب الفلسطيني ويقفون ضد السياسة الصهيونية في فلسطين المحتلة. هذا التعاطف كان اثمر كثيراً في أوقات سابقة، حيث اضطرت الحكومة النرويجية أن تقيم علاقات مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة اسماعيل هنية. وأن لا تعارض قيام وزير شئون اللاجئين في حكومة حماس الأولى عاطف عدوان بزيارة أوسلو بدعوة من الجالية الفلسطينية في النرويج في مايو/ أيار سنة 2006، مع العلم أنها امتنعت عن اللقاء به على أعلى المستويات. فيما أكتفت بمندوبين من قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية قاموا بلقائه في مبنى الوزراة. وأوقفت الحكومة استثماراتها في شركات ومؤسسات تعمل في الاراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967 وفرضت حظراً على مبيعات الأسلحة الى الكيان الصهيوني.

كما أصدر وزير الخارجية النرويجي “ستوره ” كتاباً تحدث فيه عن معاناة الفلسطينيين في مدينة الخليل المحتلة، وذكر فيه أن أوضاع الفلسطينيين هناك تشبه أوضاع اليهود في أوروبا خلال سنوات الثلاثينات من القرن المنصر. أي شبه المستوطنين والجنود الصهاينة بالعصابات الفاشية والنازية دون أن يذكر ذلك بالإسم. فيما شن مثقفون وسياسيون وبرلمانيون ونشطاء سلام هجمات لاذعة جداً على قادة الاحتلال وسياستهم الدموية. من هؤلاء الكاتب والأديب الروائي يوستن غاردر صاحب رواية “عالم صوفه ” الشهيرة. الذي كتب أثناء حرب تموز سنة 2006 في لبنان مقالة نارية هزت النرويج والكيان الصهيوني، سبق أن نشرها موقع الصفصاف الالكتروني في أوسلو مترجمة للعربية. كذلك اريك هلستاد المنتج الموسيقي النرويجي المعروف، الذي أنتج عدة البومات غنائية للفنانة الفلسطينية ريم بنا. طالب هلستاد بمقاطعة أكاديمية للكيان الصهيوني.

أما رئيس الوزراء النرويجي الأسبق كوري فيللوخ  فلا زال يواصل انتقاداته اللاذعة للسياسة الصهيونية الدموية بحق الفلسطينيين. فيما وزيرة المال النرويجية السابقة، (وزيرة التعليم حالياً) كرستن هلفرشون، زعيمة حزب اليسار الاشتراكي دعت قبل 5 سنوات لمقاطعة البضائع (الاسرائيلية). مما جعلها في وضع صعب وشنت عليها هجمات عديدة من قوى اليمين وحتى من حزب العمل الحاكم نفسه شريك حزبها في الحكومة، ومن القوى المتصهينة في النرويج. نفس الشيء بالنسبة للدعوة للمقاطعة فعله ومازال يفعله قادة الحزب المذكور وبعض قادة حزب العمل النرويجي الحاكم وإن كان بشكل اقل. فيما تتواصل في الجامعات النرويجية وبعض المنظمات والمؤسسات حملة مقاطعة (اسرائيل)، وآخرها جاء عبر توصية تقدمت بها قيادة حزب العمل الحاكم في منطقة برغن، ثاني كبرى مدن النرويج، جاء فيها أن على النرويج فرض مقاطعة على “اسرائيل” مادامت تحاصر وتغلق قطاع غزة.

لا بد أن نذكر بالدور الكبير الذي لعبه الأطباء النرويجيون خلال الحرب على غزة وبالذات البرفسوران مادس غلبرت واريك فوسه، اللذان ألفا كتابا بعنوان “عيون في غزة”، شرحا فيه الجريمة الصهيونية الكبرى بحق الشعب الفلسطيني في القطاع. وعلى إثره تعرضا ولازالا يتعرضان لحملات معادية بسبب موقفهما من الكيان الصهيوني. هذا كله قليل من كثير يحدث هنا في النرويج.

بالمناسبة نقتطف هنا تعليق لأحد الأخوة العرب المقيمين في أوسلو، قال فيه : ” النرويج هي أكثر الدول “العربية” دعماً للأشقاء الفلسطينيين .. “…

هذا صحيح فحين ننظر الى مواقف مصر وشقيقاتها المستسلمات ودورهم في محاصرة واغلاق قطاع غزة وتشديد الخناق على الشعب الفلسطيني، نتأكد من أن الشعب النرويجي أكثر عروبة وتضامناً مع شعب فلسطين من تلك الأنظمة العربية. فالأنظمة ليست أكثر من قروح مزمنة في جسد الشعب الفلسطيني. ولا بد أن يأتي اليوم الذي يتعافى فيه هذا الشعب من القروح والجروح.

 

* مدير موقع الصفصاف

www.safsaf.org

 

رئيسة الجالية اليهودية في النرويج تهاجم ليبرمان والاستيطان

http://www.ath-thabat.com/new2/index.php#althabat

* نشر في اسبوعية الثبات اللبنانية على الرابط أعلاه