وقفة عز

عن فيلمين عربيين “بنبونه” و”عملية” في مهرجان كراكوف الدولي

نضال حمد 

الفيلم الأول (بنبونه) اخراج ركان مياسي.

قمت يوم امس وذلك خلال مشاركتي في مهرجان الفيلم العالمي بدورته ال 58 في مدينة كراكوف البولندية بمشاهدة فيلم عن التنقيح الصناعي أو تهريب النطفات من قبل الاسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية، وذلك بعد حصول الزوجة على موافقة من مفتي فلسطيني. الفيلم بعنوان ( بنبونه) للمخرج ركان مياسي وبطولة صالح بكري ورنا علم الدين.

تحكي فكرة الفيلم عن الاسرى الفلسطينيين المحكومين اكثر من عشرين عاما ومحاولاتهم تهريب نطفاتهم من السجون الصهيونية لانجاب الأطفال.

الفيلم قصير جدا يظهر في بدايته الأسير بطل الفيلم ( صالح بكري ) ممثل هذا الدور، في الحمام في السجن وهو يستحم ويحاول القيام بالعادة السرية لمعرفة إمكانية تأمين النطفة، لإيصالها أو تهريبها لزوجته التي تجيء لزيارته في السجن. لكنه يفشل في نيل مبتغاه.

بعد التعرض للتفتيش الدقيق من قبل حارسات السجن، تصل الزوجة الى النافذة الزجاجية حيث يجلس صالح.

يتبادلان التحيات ثم يقول لها انه على ما يبدو لا يستطيع القيام بذلك أو انه عاجز عن فعل ذلك. فتقوم هي بدورها بتذكيره باللقاءات العاطفية التي جمعتهما سابقا، وتذكره بالتنورة القصيرة السوداء التي كانت ترتديها في احدى اللقاءات الحامية التي جمعتهما، وتقوم بحركات مثيرة عاطفيا تساعد صالح في اتمام المهمة، وبعد ذلك يضع النطفة في غلاف نايلوني صغير لحبة بنبونه ويحدث ثقب في المكان الفاصل بين الجدار والزجاج ويسلمها النطفة. مذكرا اياها ان معها 6 ساعات فقط قبل بطلان مفعولها. واثناء العودة في الباص وخلال نوم المسافرات تقوم هي بالمهمة وينتهي الفيلم هنا.

رغم قوة المشاهد في الفيلم والتي تتحدى العادات والتقاليد العربية والإسلامية والتي قد لا تعجب الكثيرين إلا أن فكرة الفيلم رائعة.

في ختام العرض الذي استمر مدة 15 دقيقة تظهر على الشاشة اشارة الى ان أكثر من 50 اسيرا فلسطينيا نجحوا في انجاب اطفال عبر هذه الطريقة.

 

الفيلم الثاني ( عملية) اخراج الفلسطيني محمد المغني.

 

اليوم الثلاثاء الموافق 30-05-2018 شاهدت فيلما فلسطينيا – بولنديا للمخرج الفلسطيني الشاب محمد المغني، وهو يدرس الاخراج السينمائي في مدرسة لودز السينمائية العريقة. والفيلم بعنوان (عملية).

 تدور احداث الفيلم حول شخص فلسطيني مقيم في بولندا ويعمل في مقهى عربي هناك. فيما زوجته في الوطن تعاني من مرض عضال وتكلفة العملية 5000 دولار، لا يملك منها اي دولار. يحث زوجته على اجراء العملية ويعدها بتأمين المبلغ. في نفس الوقت يقوم ( ناصر) شخص عربي ( يؤدي هذا الدور د. سمير أيوب، فلسطيني، زميلي في سنوات الدراسة الجامعية بمدينة فروتسلاف البولندية). بمحاولة تأمين المبلغ المذكور لكن مقابل ثمن كبير، في البداية يرفض بطل الفيلم الاغراءات والمبلغ دون ان يعرف ما هو الثمن المطلوب. لكن تتوالى احداث الفيلم القصير ومدته نحو 20 دقيقة. فاثناء تفكيره بزوجته وانشغاله بذلك، يدخل المقهى شخص بولندي يقوم باستفزازه وتوجيه الشتائم العنصرية له. فيقوم وهو في حالة غضب بضرب البولندي ونتيجة لذلك يدخل السجن. ثم يخرجه من السجن ( ناصر )، الرجل الذي يريد تشغيله بمهمة سرية. عند الخروج من السجن يجد ان العائلة البولندية التي استأجر شقة لديها تريد اخراجه منها لأنه لم يسدد الايجار لمدة ثلاثة اشهر. يتوجه الى العربي صاحب المقهى طالبا مساعدته وتسليمه مستحقاته فيقول له الاخير وبعد ان يبلغه بطرده من العمل انه لن يسلمه مستحاقته قبل شهر. يعود الى ( ناصر ) الذي انتظر تلك اللحظة. فيطلب منه صورتين لعمل جواز سفر له لتهريبه من الاتحاد الاوروبي الى روسيا البيضاء بعد ان يسلمه مبلغا ضخما من المال وصورة لمفاوض فلسطيني سوف يأتي الى اوسلو لاجراء مفاوضات مع الجانب الصهيوني، طالبا منه تصفيته. يتوجه الى الفندق حيث تم وضع مسدس هناك، يأخذه ويقوم باطلاق النار على المفاوض الفلسطيني ويخرج هاربا الى حديقة قريبة من الفندق. وهنا ينتهي الفيلم.

بصراحة لم افهم ما هي رسالة الفيلم وما الذي اراد تقديمه للجمهور، وهل تصوير الفلسطيني المحتاج والذي له ظرف انساني بالارهابي والشخص الذي يقتل مقابل المال، وحتى لسبب انساني مثلما هو سبب بطل الفيلم، عملية زوجته، أمر عاقل ويخدم قضية فلسطين؟.

واكثر من ذلك فأن رسالة الفيلم برأيي مسيئة للشعب الفلسطيني أولا من خلال تصوير قضيتنا وكأنها قضية مشاكل انسانية فقط. بينما هي قضية سياسية وبالمقام الأول قضية نضال ومقاومة ضد احتلال صهيوني فاشي عنصري مجرم، كان ولازال سببا مباشرا لكل مآسينا بكل اشكالها. لم يأتِ الفيلم على ذكر الاحتلال الصهيوني لا من قريب ولا من بعيد.

في المقام الثاني تخدم قصة الفيلم بقصد أو دونما قصد الراوية المعادية لشعبنا، والتي تحرص على وصمنا بالارهابيين. خاصة اذا ما تذكرنا انه خلال عملية المفاوضات منذ محادثات اوسلو السريّة ثم اعلان المبادئ سنة 1994 وحتى يومنا هذا لم يقم اي فلسطيني باغتيال او تصفية اي فلسطيني فاوض او لازال يتفاوض مع الصهاينة. بل العكس هو الصحيح اذ قام ارهابي يهودي (اسرائيلي) بتحريض مباشر من بنيامين نتنياهو باغتيال رئيس الوزراء الصهيوني اسحق رابين لهذا السبب بالذات. كما قام شارون باغتيال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لنفس السبب.

 

جدير بالذكر ان مهرجان كراكوف يشهد حضورا صهيونيا طاغيا في كل عام. نتيجة العلاقات القوية التي تجمع ادارته مع ادارات المهرجانات الصهيونية وبالذات ادارة مهرجان حيفا المحتلة. وهناك افلاما صهيونية كثيرة مشاركة في المهرجان، كما جرت العادة كل دورة. كما ان من بين اعضاء لجان التحكيم توجد رئيسة مهرجان الفيلم في حيفا. وكذلك صهيوني آخر. بينما الافلام العربية والفلسطينية نادرا ما تشارك. لكن هذا العام تحسن الوضع قليلا بمشاركة بعض الافلام العربية. منها افلام لمعارضين سوريين، مثل فيلم (الأباء الابناء) لطلال دريكي وفيلم (أرض اليباب) لمخرجة سورية. وثلاث افلام اخرى لمخرجين آخرين من لبنان وفلسطين.

مضى على مشاركاتي السنوية المنتظمة في المهرجان اربع سنوات متتالية. في اول سنة لم يكن هناك اي فيلم عربي او فلسطيني. في السنة التالية نفس الأمر. سألت مدير المهرجان والقائمين عليه في مقابلات صحفية وفي دردشات جانبية عن سر ذلك. فكان جوابهم ان العرب والفلسطينيين لا يرسلون افلامهم للمهرجان. في السنوات الثلاث شاركت بعض الافلام العربية والفلسطينية لكنها قليلة مقارنة بالمشاركة الكثيفة والحضور القوي للافلام الصهيونية.

 

 

30-05-2018

880_n

maxresdefault