وقفة عز

ملايين عربية بحاجة لمحو أميّة

 تفعيل السلاح “البيولوجي أو المنوي” آخر خيارات الإنسان العربي

 نضال حمد – أوسلو

أكثر من عشرة ملايين طفل عربي من الذكور والإناث لا يعرفون ما هو العلم وما هي المدرسة، لم يدخلوا المدارس ولم يتعلموا ولم يقرئوا ولم يكتبوا.. كما أن أكثر من نصف نساء العرب لا يعرفن الكتابة والقراءة ولم يدخلن المدرسة… هذا يعني أن نصف النساء في عالمنا العربي الكبير يلزمهن دورات لمحو الأميّة.

إذا كانت الإم أمية ولا تستطيع الإستفادة من العلوم والمعرفة وما توفره المطالعة والقراءة والكتابة والمدارس من معلومات هي بالأصل كالكنز الذي لا يفني، وهذا الكنز المليء بالمعلومات من كل الجهات سيساعدها على الإستفادة في الحياة والعمل والتعلم والإستنارة والتعرف علي كل جديد، ومعرفة أسباب فشل أو نجاح ما هو قديم وما هو جديد، ومن ثم يمكنها استخدام تلك المعرفة في تربية الأطفال. اذا كانت لا تعرف كل تلك الأشياء ولم ترها اأو تتعلمها في المدارس فإنها فعلا مظلومة وسوف يظلم معها أطفالها يوم يولدون.

إذا كانت الأم هي المدرسة الأهم، فإن المدرسة التي تعلم الأم هي أهم من مدرسة القبيلة والعشيرة والحكومات الذليلة. وإذا كانت الأم محرومة من العلم والتدريس والمعرفة، فإن إمكانياتها ستكون محدودة وتربيتها للأطفال ستكون كذلك بوعي محدود ومعرفة ضئيلة وعلم مفقود وتجربة بسيطة. وهذا لا ينفع في عالم أصبح كل شيء فيه مرهونا بالعلم والمعرفة. لكننا نحمد الله العلي القدير أن الولادة في الوطن العربي الكبير بخير، وأن أرحام النساء بسلام وأمان ولم يمسها ما مس الأوطان.. ونحمده لأن العرب من أكثر سكان المعمورة إستخداما للسلاح البيولوجي أو المنوي… حيث أثبت سلاحهم هذا، قوته وفاعليته وجدارته، وأستطاع كسر التوازنات الإقليمية مع معسكر العدوان والاحتلال. ويمكننا القول بصراحة وراحة ضمير أنه يحق للمواطن العربي أن يفرح بذلك لأنه وحده ومن دون مساعدة الحكام والجيوش والنفط والتحالفات الدقيقة والأخرى الصديقة استطاع هزيمة المخطط الديمغرافي في المشروع الصهيوني. بالرغم من كل مواسم الهجرة اليهودية الى فلسطين والأراضي العربية المحتلة التي ما زالت مستمرة منذ النكبة وحتى يومنا هذا.

لم تفلح سياسة التجهيل والتيئيس في كسر الإرادة العربية على الأقل بيولوجياً، فهذه المعادلة سوف تظل لفترة طويلة بيد العرب، يستخدمونها سلاحاً في حربهم مع قوى الشر. وها هو المواطن العربي المسكين الذي لا تمنحه دولته أي مساعدة نراه باقيا وملتزماً ويصمد صمودا حنظلياً، يرد العدوان عن أمته وأرضه، كما أنه يجلس القرفصاء على عتبة الدار وهو بانتظار الانتصار ثم يقوم بعد السنوات بإعداد المواليد من الذكور والإناث

المواطن العربي على حق حين يستخدم سلاحه المضمون والوحيد، إذ لم يبق له سوى استخدام هذا السلاح بعدما فشلت كل أسلحة الامة وحكامها من الغائبين والحاضرين حتى في تحقيق توازن مع الأعداء في المنطقة… توازن واحد فقط لا غير. والمواطن العربي في بعض الدول العربية التي تحتل أمكنة أمامية في الدراسة الدولية مثل مصر وموريتانيا والمغرب يقوم بدوره القومي في محاربة الاستعمار الجديد وفي افشال سياسة التطبيع مع كيان الاحتلال. خاصة ان سفارات وممثليات الاحتلال آخذة في الانتشار والتمدد والتوسع كالجراد.

خذوا مثلا حكومة مثل التي تحكم في موريتانيا بالحديد والنار، فهي مستعدة لإقامة علاقات مع حكام تل ابيب مقابل حفنة من الدولارات. بينما نفسها ليست على استعداد لبناء مدرسة لمحو الأميّة في بلد فيه نحو مليونين من الشعراء. وهناك حكومات أخرى من حكومات محور السلام العربي الشرم شيخي ليست مستعدة لمكافحة الجهل والأميّة والفقر. إذ حتى أن أموال التطبيع الأمريكية والغربية لا تَلزمهم ولا تُلزمهم لبناء المدارس والمعاهد، فهم يمررون بعضها لبناء أجهزة الأمن والقمع والمخابرات والشركات الإعلامية والقنوات الفضائية السخيفة والفارغة والهدامة. ربما لهذا السبب تُقدم لهم المساعدات الغربية.

المجد للعـــــربي في صموده فتحقيق أماني الأمة سيظل مرهونا بسلاحه البيولوجي – المنوي الفعال، فمن هنا تنبع ضرورة صيانته وحمايته والمحافظة على إنجازاته القومية… ويا أيها العرب الغلابة الى الأمام بالاعتماد على سلاحكم الفعال أقوى أسلحة الانسان..

 

 نضال حمد – أوسلو

نشر في صحيفة القدس العربي يوم 15-04-2005