الأرشيفثقافة وفن

ملخص ابداعي من كتاب “لحظة الأبدية”  لسمير الحاج شاهين:

*ملخص ابداعي من كتاب “لحظة الأبدية”  لسمير الحاج شاهين: دراسة الزمان في أدب القرن العشرين: مع تعليقات “ذات دلالة” للناقد الأدبي/السينمائي :م.مهند عارف النابلسي: المقالة الاولى: 

*الحياة هي مد متواصل نحاول ايقافه وتجميده في أشكال ثابتة ومحددة داخلنا وخارجا عنا (بيرناديللو): هذا ان ملكنا الوعي اللازم لتحقيق ذلك بعيدا عن سعادة “البقر المجتر” في المراعي السويسرية الخضراء الجميلة الممتدة على مرأى البصر، كما وسعادة الحيوانات المنزلية القنوعة وطبيعة دورها المسلي !

*استعادة بروست للزمن الضائع: لحظة اجتياح بروست لنشوة لذيذة منعزلة لا يعرف سببها: أحالته لشخص لامبالي امام تقلبات الحياة، محصنا ضد كوارثها، فلم يعد يشعر بنفسه تافها عرضيا فانيا، وذلك عندما تناول نوعا خاصا من الكعك اسمه “مادلين الصغيرة” ، وغمس قطعة منه في فنجان الشاي، ثم رفعه بالملعقة آليا  الى شفاهه، حيث حدث ذلك في اللحظة ذاتها التي مست فيها الجرعة الممزوجة بفتات الكعك اللذيذ حلقه، فانتفض فجأة منتبها الى التحول العجيب الجاري في أعماقه، ثم تهب حاسة اللمس أيضا لنجدته، في هذا اليوم المشهود، فبينما هو يمسح فمه بالفوطة التي قدمها له الخادم، غمرته فجاة رؤيا سحرية بهواء البحر النقي، وتموجاته الزرقاء: وكانت من القوة بحيث أنه تخيل أنه يعيش بالفعل اللحظة القديمة المستثارة، وأن الخادم  “لاشعوريا” قد فتح له له النافذة المطلة على الشاطىء، الذي يدعوه للنزول والتنزه على ضفافه.                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                            : ولا شك أن معظمنا ربما يكون قد مر في حياته على لحظات مماثلة حققت له سعادة غامرة جهل سببها، وعلينا ان نحاول تذكرها لتحقيق نشوة مماثلة تنفعنا في حياتنا وتمدنا بالحافز الحياتي الجميل؟ لكن للأسف فقد نسينا استرجاع اللحظات الجميلة في حياتنا الراهنة؟ 

*ويستطرد في فقرة اخرى:”الفراديس الحقيقية هي الفراديس التي فقدناها…”وصولا ربما كان بعث الروح بعد الموت ممكنا كظاهرة من ظواهر الذاكرة…”، تلك التي كانت تهب لنجدته، وتنتشله من المتاهة، التي كان يتخبط في ظلماتها عاجزا بدونها عن الخلاص.

*فلا شيء حقا يشبه تلك الاشراقات التي خبرها مارسيل بروست، في مراحل متقطعة من حياته: عندما ذاق الكعكة المغموسة في الشاي مثلا، او عندما رأى اجراس “مار تينفيل”، أو الأشجار الثلاث في هيدميل، أكثر من النشوة التي تسببها له الموسيقى…انها غبطة آتية من الفردوس، لا يمكن نسيانها، او التعبير عنها. انها وعد بالخلاص، والاستجابة للنداء الماورائي، الذي يسمعه صوت الأبدية من خلال الزمان، وصوت الروح والوجود من خلال الجسد والدم… فما هي مقومات الفرح الذي تسببه الموسيقى للانسا ن العادي او حتى المتذوق الهيمان كمثال معبر؟!/ص.117/   والسؤال المطروح هنا  يتعلق بحالات النشوة الفكرية والحياتية التي تعرضنا لها جميعا وخاصة ككتاب ومفكرين مبدعين على مر الزمان، فلماذا لم نستعيدها بهذا الشكل كما استعادها “مارسيل بروست” بهذا الشكل الشيق المثير للدهشة؟! فهل السبب يكمن بقصورمزمن  في الوعي ونمط التفكير والبعد الروحي  المدمج أم ماذا ؟ سؤال اطرحه للقارىء الفطن ولا اعرف تفاصيل الاجابة حقا  وبحاجة ماسة للتنوير والاستيضاح، وربما لم يسبقني شخص مفكر بطرح هذا السؤال الوجودي الهام، ودعونا رجاء من اقحام النظرة الدينية الحكمية المتزمتة على مثل هذه التساؤلات المصيرية المرتبطة بالابداع والتفكير الخلاق؟! 

*فكل انسان يشكل عالما مغلقا على اسراره، حتى ليستحيل علينا أن نعرف ما تنطوي عليه سريرة شخص آخر مهما ادعينا معرفتنا العميقة بشخصيته ، “فقد نتفاجىء بظهور تصرفات ومعالم غير متوقعة تدهشنا بشدة، ولا نجد لها تفسيرا”/تعليق الكاتب/؟! ؟/ص.122/. أما بروست فلقد كان واضحا وشفافا وصور لنا شخصياته وهي تتغير على مدى الآيام، وهذا ما نفتقده حاليا في الكثير من الأشخاص العاديين وأدعياء الثقافة والابداع وما اسميهم حصريا بالمتثاقفين المزيفين ، حيث يحاول بعضهم اقناعنا بتعدد مواهبهم الأدبية الابداعية بالسرقة والاقتباس والتبجح الفارغ الاستعراضي الممل: فقد تجد أحدهم يعرف نفسه زورا بانه ناقد أدبي وشاعر وروائي ومؤرخ وهكذا ، ،كما يعرف شخص عادي “متناقض” نفسه بأنه  متدين وملتزم فيما هو غير ذلك، وقد يفتتح متثاقف ما رواق أدبي لمناقشة الروايات بحجة عشقه للرواية وغرضه الحقيقي جذب الزبائن لقهوته الفاشلة  ؟! وفي الختام فأنا اعتقد جازما انه لا احد قادر على تغيير نمط سلوكه بالكامل! (ص.131).

*وأخيرا فانا لا أستطيع هنا تجاهل محرقة غزة التي يمارسها النازيون/الفاشيون الجدد /الصهاينة المجرمين/ بحق أهلنا في غزة والضفة وفلسطين الحبيبة وتبا لكافة الداعمين الغربيين والعرب المطبعين وكافة الصامتين المرعوبين ولا غالب الا الله الجبار القدير  وما النصر الا من عند الله الواحد القهار…

*