الأرشيفوقفة عز

المناضل الوطني الكبير الراحل أبو مصطفى مراد – نضال حمد

المناضل الكبير سعيد مصطفى مراد أبو مصطفى مواليد سنة 1942 في فلسطين.

سنة 1948 غادر طبريا في فلسطين المحتلة برفقة عائلته بعد أن سيطرت عليها واحتلتها العصابات الصهيونية الغازية. لجأوا الى لبنان ليستقروا في مخيم عين الحلوة، حيث من هناك بدأ مشواره النضالي في زمن الناصر جمال، الزمن القومي واليساري والوطني والفدائي.

في مخيم عين الحلوة كبر وهناك تعلم في مدراس المخيم وشب ليصبح في سنٍ مبكرةٍ من عمره مناضلاً مندفعاً نحو حمل عنوان الصراع على كتفه عبر الانخراط في العمل الفدائي. فأنخرط في حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بزعامة الحكيم أبو ميساء. لكنه فيما بعد إنشق عن الجبهة مع مجموعة قادها “نايف حواتمة” ومعه رفاقه الذين أطلقوا على أنفسهم الجبهة الديمقراطية.

كان سعيد مراد يحلم بالعودة الى مسقط رأسه طبريا في وطنه المحتل وتحريره من الذين احتلوه وشردوا أهله وعائلته وشعبه. لذا قام مطلع سنوات الستينيات بالالتحاق في حركة القوميين العرب، التنظيم الأكثر انتشاراً بين الفلسطينيين في ذلك الوقت من زمن ما بعد النكبة. لغاية اليوم لا أفهم ولا أعرف لماذا لم تستطع الحركة عبر تنظيمها الفلسطيني ذو الامتدادات العربية الشاسعة، قيادة الحالة الوطنية والنضالية والثورية الفلسطينية، فاسحة المجال في ذلك للآخرين كي يسيطروا عليها ويقودوننا فيما بعد الى كوارث ما بعد بعد بعد أوسلو.

 قال عنه رفيقه في النضال الأخ أبو ماجد رباح: ” رحم الله أبا مصطفى كان شاباً ولا كل الشباب التحق بحركة القوميين العرب وهو في التاسعة عشره من عمره. وفي عام ١٩٦١ كان في مقدمة من التحقوا في دورة الصاعقة في مصر، أثناء تولي جلال هريدة قيادة قوات الصاعقه المصرية. في عام ١٩٦٧ ومع بداية حرب حزيران جيء به كما جيء بكل فلسطيني ناشط ولديه خلفية عسكرية، حيث إلتقينا بثكنة البص (صور).. وفي ٩ حزيران 1967، قدم  جمال عبد الناصراستقالته محملاً نفسه الهزيمة. في هذه الأثناء أحد الذين كانوا يستمعون للكلمة في نادي الضباط قال كلاماً بعبد الناصر لا يليق به. فهجم عليه أبو مصطفى مراد.. حينها قلت له أتركه يا سعيد وخلينا نلتحق بطريقنا قبل أن يأخذوك الى فرع مصالح الجيش حيث لا ترى النور. رحم الله الأخ والصديق والجار والرفيق أبا مصطفى وطيب ثراه وجعله من أهل الجنة”.

بدوره ختيار طيطبا في برلين الأستاذ والرفيق المُثقف والفنان المُتجدد، والمناضل العتيق مثل ماء قانا الجليل الذي حين لمسه السيد المسيح تحول الى نبيذ، حسب الروايات والأساطير المسيحية. أبو نزار شناعة قال لي في مكالة هاتفية تمت اليوم بيني وبينه أن سعيد مراد كان بالنسبة له أكثر من أخ.. أخ لم تلده أمه .. تعارفا وتزاملا في المخيم وفي النضال سنة 1969، فكانا رفيقين، في مسيرة واحدة ودرب واحد.. ثم اتخذا معاً موقفاً مشرفاً حين تطلب الأمر ذلك، فتركا مهامهما التنظيمية والنضالية لعدم اقتناعهم بأمور وتصرفات وقرارات معينة اتخذتها القيادة في سنوات لاحقة بعد غزو سنة 1982. حينها رفض أبو مصطفى مراد أن يتقاضى أي مرتب مع أنه كان يعيش في ضيق مع زوجته وأولاده، بلا مال وبلا عمل في ذلك الوقت أما أبو نزار فسافر الى برلين ولازال مقيماً فيها حتى يومنا هذا. وتجدر الإشارة الى أن أبو السعيد مراد شقيق أبو مصطفى في سنوات لاحقة ترك كل شيء بعدما سئم من كل شيء وغادر الى برلين حيث استقر فيها وتوفي هناك، لكنه دفن في لبنان. كنت التقيت به في برلين قبل وفاته. في تشييع أبي السعيد مراد بمخيم عين الحلوة استفزني مشهد في مقدمة الجنازة حيث حمل أحد الأشخاص صورة كبيرة لأمين عام التنظيم بدلاً من صورة أبي السعيد في المقدمة. ربما رفعت الصورة في مقدمة الجنازة  نتيجة عدم انتباه واهتمام من القائمين على التشييع وربما عن قصد. 

شخصياً عرفت الرفيق أبو مصطفى مراد من مخيم عين الحلوة نهاية السبيعينات وبداية الثمانينيات من القرن الفائت، حيث كان من قادة الحركة الفدائية والنضالية في المخيم وفي لبنان. كما كانت تجمعنا صداقة بالرغم من فارق العمر الشاسع بيننا فهو كان يكبرني ب 24 سنة . لكن روحه كانت شابة وعلاقته أكثر شبابا مع شباب المخيم والنضال والكفاح من تنظيمات مختلفة. انقطعت علاقتي أو اتصالاتي به بعد غزو سنة 1982 ولم ألتقِ به منذ ذلك الوقت ولن نلتقي لأنه توفي في بداية الألفية الثانية وتحديدا في الثامن من تموز – يوليو 2001 ودفن في مقبرة مخيم عين الحلوة. 

لي صورة يتيمة لكنها تاريخية معه ومع صديق ورفيق العمر المرحوم عامر خليل – أبو رامي- ومع أخي جمال حمد – الشيخ أبو محمد – الذي انقلب فيما بعد عقائدياً مثل طبخة المقلوبة الشعبية الفلسطينية، فأصبح إسلامياً متشدداً بعدما كان في المرحلة السابقة يسارياً متشدداً. كنا يومها نقوم بزيارة شقيقي جمال الذي كان مسؤولاً عن ذلك الموقع والمدفع الرشاش 37 ملم المضاد للطيران الذي كان موجوداً في موقع درب السيم لجبهة التحرير الفلسطينية وبالتحديد قرب تلة فضلو وكيم. في تلك الفترة الزمنية النضالية كان المرحوم أحمد مراد شقيق المرحوم أبو مصطفى من قادة جبهة التحرير في إقليم لبنان.

رحم الله أبو مصطفى مراد المناضل الصلب والمبدئي والتاريخي.

نضال حمد

10-2-2023