الأرشيفوقفة عز

المعلمة أم رضا – نضال حمد

المعلمة أم رضا هي ظريفة عارف كنجو من مدينة طبريا في فسلطين المحتلة.

ذكريات الطفولة والصبا تبقى عالقة في الأذهان وتلاحقنا أو تعيش معنا أينما كُنا وحيثما حطت رحالنا. نغيب عن المخيم سنوات أو عشرات السنين، لكن حاراته وناسه ومدارسه وأزقته وبيوته وبياراته وأشجاره وزواريبه وطرقاته تبقى معنا. فكما قال الشاعر يبقى الحنين للمنزل الأول.

من الشخصيات التي أتذكرها من زمن طفولتي وبداية صباي هناك المعلمة أم رضا. تلك المرأة التي علّمت ودرست الفتية والفتيات في مدرسة المخيم بداية الستينيات والسبيعنيات من القرن الفائت. في ذلك الوقت كان هناك عدد من المعلمات اللواتي علمن في مدارس المخيم العديدة. بالاضافة لعشرات المعلمين الذين نعتز بهم.

كانت أم رضا تقطن في حي حطين بالقرب من حي الجميزة الشهير في مخيم عين الحلوة حيث كان يجلس في ظلها وتحت أغصانها وعلى جذعها العريض والمتين والقديم قدم تلك الأرض، عدداً من عجائز وختايرة تلك الحارة. في هذا الصدد يمكن القول أن راجي اللوباني كان أهم رموز تلك الشجرة التي قصفتها الطائرات الصهيونية فدمرتها تماما، في أعقاب غزو صيف 1982 لم يبق منها أي أثر يذكر. لكنها لازالت وستبقى عالقة في ذاكرة أجيال عديدة من أبناء وبنات مخيم عين الحلوة.

في وقت لاحق غادرت أم رضا حارة حطين وانتقلت للعيش في بيت على الشارع الفوقاني قرب السيسيني ولها ولد وحيد هو رضا وابنة تشبهها تماما. ومن يعرف المعلمة االفاضلة سيوافقنا الرأي بأنها كانت صاحبة شخصية مميزة وكان لها هيبة وحضور قويين في المدرسة. هذا ما أكده أيضاً صديقي دياب العلي: “كانت شخصية السيدة ام رضا قوية. كما وكانت أستاذة متمكنة ومعلمة لها أسلوب جيد في فن التدريس”.

للأسف شاء القدر أن تترمل أم رضا بعد وفاة أزواجها. فقد ترملت مبكراً. لم تكن محظوظه في حياتها الشخصية اذ سرعان ما كان يتوفى أزواجها. فكانت مضطرة لتحمل مشقات الحياة اليومية والتعليم وتربية الأطفال ومواجهة التحديات اليومية. أما آخر أزواجها فكان الحاج أبو محمد الحشاش الذي بعد وفاة زوجته أم محمد رحمها الله تزوج من السيده أم رضا، لكن هذا الزواج لم يدم طويلاُ حيث انتقل بعد الزواج بفترة قصيرة الى رحمة.

فيما بعد مرضت المعلمة أم رضا وأصيبت بداء السكري. مما اضطر الأطباء الى بتر قدميها. لكنها لم تحتمل المرض فتوفيت على إثر ذلك رحمها الله. تاركة خلفها سيرة معلمة وسيدة فلسطينية قوية وصاحبة رأي وهيبة. ساهمت بامتياز مع بقية المعلمين والمعلمات في مدارس مخيمنا عين الحلوة بتدريس وتعليم وتخريج أجيال عديدة من الشباب والصبايا الذين تألقوا وتألقن في حياتهم-ن العلمية والعملية.

المعلمة أم رضا – نضال حمد